في أحشائها جنين

[JUSTIFY]
في أحشائها جنين

لم تشا «نفيسة» أن تنظر إلى ذلك الشاب الأجنبي، الذي على ما يبدو كثير التركيز على وقوفها كلما كانت تقدم لمحطة المواصلات.. حيث لم تكن تتخيل أنه سيتجرأ يوماً على فكرة الاقتحام.. وجدت نفسها في وضع لاتحسد عليه في ذلك اليوم، حيث أتاحت له المركبة أن يجلس إلى جوارها، وعندما أشر لمحطة نزوله دفع اليها بورقة مطوية على عجل.. منعتها الدهشة من أن تقوم برد الورقة إليه.. حيث تبخر في ثانية.. ثم وجدت كلمات الغزل والوله والحب.. زادت معدلات غضبها حتى وصلت قمتها لم يكن دافعها لذلك «إنه أجنبي» ببساطة لاعيب في هذه الجزئية، لكنها أحسست أنه انتقص من احترامها.. كيف يجرؤ على ذلك وهو لا يعرفها وهي لا تعرفه.. بدأت تسأل في نفسها «هل كان مظهري يوحي بأنني شخصية سهلة.. هل الأمر هذا جاء نتيجة لجرأة زائدة أم أن في سلوكها مسارب لنفاذ مثل هذه التجاوزات».. لم تكن لتحس بعد هذا التصرف إلا بعدم الرضاء… لم تخب حاستها أن وجدته صباحاً في ذات الموقف.. بلا وعي رمت إليه بخطابه الذي أرسله بالأمس ولم تستطع أن تنبت بكلمة، لكنها طوحت بسبابتها في الهواء ففهم الرسالة وعرف أنه أصبح مهدداً في «لجوئه هذا».. أسرع الخطى إلى المحطة الأخرى.. ولكنها عندما ركبت في جوف الحافلة توقفت بها في المحطة التالية حيث يقف ذلك «الأجنبي».. دفع بقدمه إلى مدخل المركب لكنه لم يجد إلا المقعد الواحد الذي يجاورها.. فاضطر إلى النزول .. وظل الحال على ذات المنوال إلى أن.. طرق إليها الباب عن طريق أحد أبناء البلد «الأصلاء».. الذي ظل يمدح في خلقه ودينه.. لم تحتمل ذات الفكرة ولاذت بتحليلات النسوة في الحي بأن هذا الأجنبي باحث عن «منزل» أو سكن.. وعلى الأصل أنها لم تحتمل أن يتقدم لها أجنبي، بل في قاموس أدبياتها الخفي أن تلك الصفة تقدح في موضوع الزيجة تلك عند الآخرين، ومازالت تنتاشها سهام التفكير.. الغريب في الأمر أنها لم تعط رأياً نهائياً كلما تذكرت أن قطار ا لعمر قد تقدم.. جاءها آخر رسول لآخر رد.. فما تتمالك إلا أن تقول «نعم موافقة» الدهشة تمتد مساحاتها وسط أهلها، إذ كيف تتزوج ابنتهم من ذلك الأجنبي وهم أصحاب اللسان السليط والحسب والنسب.. وسارت الأمور كما فرضت نفسها.. هي عروس في وقت وجيز تقتسم من أهلها جزءاً من الدار.. استقرت في تلك الإقطاعية.. بدأ زوار الطرف الآخر في التآلف مع الدار.. تململ الأهل.. كيف غدا البيت مسرحاً ومحطة للواردين والواردات من تلك الجهات.. بل وحملت على ما يبدو فكرة محطة ما بين الدخول غير الشرعي إلى توفيق الأوضاع.. وباتت «نفيسة» ما بين الغيرة الزائدة من الشابات الصغيرات اللائي يحملن جنسيته الأصلية على الموازنات والمعادلات.. وجدت نفسها تصطنع معادلة خاصة لحياتها، خاصة بعد أن أحست بحركة في أحشائها.. لذلك القادم.. أنه طفل نادر ستحتمل لأجله المزيد.

آخر الكلام:-

مازالت النسوة من حولها بالحي يتهامزن عليها وعلى زوجها اللاجئ.. ولكن الطفل الجميل النبيل حفي بالنظر باستعلاء لكل تلك الهمزات واللمزات.. ما أجمل هذا الطفل الذي يحمل جنسيتنا السودانية ويعيش حالة وسطية ما بين البلاد ودولة الجوار.

[LEFT]مع محبتي للجميع..[/LEFT] [/JUSTIFY]

سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]

Exit mobile version