الغائبون عن المنابر.. صمت الزمان والمكان

[JUSTIFY]طه سيحضر الآن، النائب الأول لرئيس الجمهورية السابق علي عثمان، “عدلوا” من وضع تلك الأريكة واضبطوا إيقاع الصوت في أجهزة “الساوند سيستم” هو الآن يخترق بابتسامته الجموع والجماهير الغفيرة، أو يومئ بصرامة قوية في مجالس الحكم، فصول من الدراما اليومية افتقدتها المجالس والمنابر، دويّ حديث نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني السابق نافع علي نافع، وعده ووعيده لقوى اليسار والمعارضة، المصطلحات التي يصكّ بها ويضيفها “عنوة” واقتداراً في بحر التعارك اللفظي اليومي للسياسة، قطبي المهدي الذي يعرف بصفات عديدة وألقاب متعددة، غاب وتوارى، رغم أنه دائماً ما كان يفك طلاسم وشفرات التصريحات، بعيداً أيضاً غاب عن إيقاع وصخب الحياة السياسية، وتوارى في مشاريعه الزراعية، والي القضارف السابق كرم الله عباس الذي شغل الناس طويلاً بمعاركه الطويلة مع مركز الخرطوم.. تتفاوت درجات الغياب، ليس بالبعد الجغرافي المحض ولكن بتضاريس العملية السياسية وتقلباتها، هناك برأي المراقبين وحيثيات الحكم، من غابوا برغبتهم الذاتية حيث لم يتمكنوا من مواصلة المسيرة الشاقة، مثل والي القضارف كرم الله عباس، فهو تقدم باستقالته من منصبه عطفاً على تعنت المركز في منحه أنصبة ولايته في العملية التنموية، ومساواتها حسب ما ذكر للكثيرين، وآخرون قذفت بهم أمواج التغيير الأخيرة، عباس اشتهر بنقد ذاتي ومواجهة صاخبة حتى ضد تنظيمه السياسي الذي قدمه للمنصب، بينما ذكريات الأيام تسجل دفاعاً شرساً لنائب رئيس الحزب الحاكم السابق نافع علي نافع، المنابر التي كان يتحدث فيها نافع ما تزال تردد صدى حديثه الأشهر (لحس الكوع) بينما لا ينسى الكثيرون لطه حسن المترادفات وتقريظ الجمل الخطابية البديعة المحسنة، دفتر الغياب أيضاً وقع عليه البروفسير إبراهيم أحمد عمر، أحد أبرز شخصيات الحكم منذ أن تسلمت الإنقاذ مقاليد السلطة، صحيح أنه شحيح في الحديث الإعلامي، وقليل المفردة، إلا أنه كان دائماً حضوراً في ملمات العملية السياسية وتشعباتها المختلفة المتناثرة.. أيضاً يلمح المراقبون أن أشهر الغيابات الأخيرة كانت بدوافع ضخّ الدماء الجديدة وإبراز نجوم جدد، في هذه الحالة يرى الكثيرون أن الأمر ينطوي على “إبعاد” لثمن مواقف ربما، أو تكتيكات لمرحلة قادمة من عمر الحكم الجديد، طه رغم أنه قد استحدث مفردة “الجمهورية الثانية” ذلك المصطلح الذي أشعل الدنيا بديمومة جديدة لنسخ الإنقاذ، إلا أنه لم يرتب لختام تلك الجمهورية وهو على مقعده، غيابات الإسلاميين أيضاً تنوعت من منابر حزبهم المؤتمر الوطني إلى منابر أخرى كان آخرها حركة الإصلاح الآن المنشقة منه بواسطة رئيسها الدكتور غازي صلاح الدين، غازي رغم ألق حديثه، إلا أنه من المعروفين بحصافة المفردة ودقتها ودلالات معانيها في الموج المتلاطم لتشويه الكلام والحديث، الطبيب المنشق ما يزال عند عمق حديثه متخذاً مظلة الإصلاح لبث مشروعه السياسي بين دعوات الانفتاح وعباءة الإسلام السياسي التي يتدثر بها البعض، ويرى أن غياب نجوم الإنقاذ من منابرها أفقدها بريق المصطلحات والمبادرات، وتسيّد العملية السياسية بخطاب قوي مقنع وحماسي، الجيل الحالي بالكاد لا يستطيع أن يواجه منابر يتحدث فيها بعض القادة “المعمرين” في تنظيماتهم السياسية، المراقبون يقطعون بأن الإنقاذ ربما تريد أن تستجلي جيلاً جديداً من عضويتها لتكون له مفردات ولغة تعبر عن واقعه السياسي, هذه خطوة حسب رأيهم المراقبين- تحسب في صالح تلميع زجاج العربة، حتى يرى سائقها عندما يتقدم أو يرجع للخلف.

حسن محمد علي: صحيفة اليوم التالي

[/JUSTIFY]
Exit mobile version