قصة غنيمات ” أم شوايل ” الرايحات …ونعيجات ” الطيب” الراتعات !!
والقاسم المشتركة بينهما !
المهنة نفسها فكلاهما يسرح في البرية البكر برعيته والله وحده يعلم أين تروح بكل منهما أفكاره البساطة والنقاء ….ثم هذا المصير الذي انتهت إليه حياة كل منهما بتدبير إلهيٍّ حكيم !
فالمعجزة ” أم شوايل ” طفلةٌ ضعيفةٌٌ..بيتمها …وبطفولتها …بجنسها كأنثى….ببراءتها فهي لم تعرف شيئا في الدنيا بعد !
وأما ” الراعي الأمين ” ….فرجل ناضج …قنوع …مسؤول …عرك الحياة باغترابه !
وفي يوم أشرقت الشمس كدأبها كانت الأقدار تجري بمارسم لها في حياة كل من هذين البطلين…استيقظ كل منهما خلي البال لايدري مارسمته اليد الإلهية له وإن هذا اليوم سيكون يوما مصيريّا في حياته !
وخرجا يسرحان برعيتهما …البنية مع رفيقاتها ترتع وتلعب وما انتبهت لغنيمات ذهبت بعيدا بعيدا …ولكنها حين العودة لاحظت نقصا في الرعية …وجرت هنا وهناك لكنها ما وجدت شيئا …ربما أكلها الذئب ” وهل ياترى الذئب بريء هنا كبراءة ذئب إخوة يوسف ؟! أسرقها لصٌ أرسلته المقادير لأمر دُبِر في السماء ؟ ولكن الطفلة المسكينة فوضت أمرها لمن لا تأخذه سنة ولا نوم…وبدأت المحنة التي انتهت منحة !!
ورجعت وما لبثت أن وقفت أمام أبيها وهي تحسب أن الأمر لا يعدو توبيخا صارما …وربما ضرب !ولكن أن تقتل فذلك ما لايخطر على قلب بشر سوي ! غنيمات بل كل القطيع يتساوى وحياة إنسان ! ومن ذلك الإنسان ؟ ! طفلة …فلذة كبدٍ …يتيمة الأمِّ !! لا لا …
وكان إخوة يوسف أرحم …هم إخوة من أب وليسوا والدا …بعد أن نزغ الشيطان بينهم وأرادوا أن يخلو لهم وجه أبيهم ففكروا في إزاحة يوسف قتلا …ولكن عند التفيذ طغت نزعة الخير فرموه في غيابة الجب ليضمنوا له الحياة !
أما الأب فلم يتح لنفسه تفكيرا بل دفعه الشيطان إلى التنفيذ فورا ….فرمى فلذة كبده في غيابة الجبِّ لتبدأ لياليها نائمة بعيدا عن مرقدها ! فأي شعور وأي خاطر سرى في تلك النفس البريئة الصغيرة الضعيفة !ولكن كانت هناك عين الله ترعاها وتسخر لها واحدا من جنوده يتعهدها إلى أن مضى ماكتب لها من الوقت المقدور ..
وكأنّ الشاعر كان يعنيها حين قال :
وإذا العناية لاحظتك عيونها …..نمْ فالمخاوف كلهن أمان
ولما انتهى وقتها جرت المقادير في مسارها المخطط له وأخرجت البنية حية من قبرها ، ولكن ليس لدار أبيها بل لمصيرها الذي قدرته الحكمة الربانية …ووضعت تحت الأضواء ليعرف الناس في داخل الوطن وخارجه بقصتها المعجزة ….نعم كان امتحانا حتى الرجال مالهم طاقة باحتماله ولكنها اجتازته بإعجاز ربانيّ….ثم جاء خبر زواجها فرحة شاركها الناس وهي لاتعرف معظمهم.
وبكينا يا أم شوايل حين سمعنا قصتك وهانحن نبكي اليوم فرحا بزواجك ..ياما أنت كريم يارب .
أما الطيب فخرج هو الآخر لكسب عيشه ومادرى أنه سيمتحن امتحانا خطيرا لكنه سينجح فيه ! فامتحانه كان ابتلاء …وامتحان النعجات ورد في القرآن في حق نبي الله داؤود في نبأ الخصمين الذي حاز أحدهما نعجة أخية الوحيدة إلى نعاجه التسع وتسعين ليكمل بها عدة المئة ظلما وبغيا وبمحاجاة ومجادلة بالباطل …وكثير من الخلطاء يبغي بعضهم على بعض …وظنها داؤود “عليه السلام” فتنة فخرّ راكعا ثم أناب !
امتحان إغراء وشهوة وضع فيه الطيب …الشهوات التي بريقها يسلب العقول …والنارتحفها الشهوات ….وامتحان الشهوات صعب عسير لا يصمد أمامه إلا من أوتي إرادة حديدية …وشهوة المال من أعلى الشهوات ، ولكم أردت أناسا حسبناهم باعوا الدنيا وطلقوها
أما الطيب فقد أحاطته العناية الربانية ووقته الوقوع في براثن الإغراء فاجتاز امتحانه بتفوق ! شهرة بالسمعة الحسنة لنفسه ولبني جلدته …وتطبيقا للحديث النبويّ عن ندرة الأمانة في آخر الزمان ، وجاءت مكافأته عااجلة لتغير خارطة حياته بطريقة لم تخطر بباله أبدا … لم يتكالب على الرزق الحرام بل تكالب عليه الرزق الحلال وكان كما مريم البتول حين سألها زكريا أنى لك هذا فقالت هو من عند الله …فطوبى لك ياطيب
قصتان واقعيتان ولكنهما أغرب من الخيال وعايشناهما ليرينا الله آياته في الآفاق وأن تدبيره فوق تدبير الخلق وأنه :
مابين طرفة عينٍ وانتباهتها ….يغير الله من حالٍ إلى حالِ
سبحانك اللهم ربي ترزق من تشااااء بغير حساب
غريب الدارين