المتهم الذي ثبتت إدانته !

[JUSTIFY]فيما بدا أن الأمر آلمه غاية الإيلام، أصدر مبارك الفاضل الأسبوع الماضي بياناً مطولاً دافع فيه عن نفسه جراء تهمة قال إن ابن عمه الصادق الهدي طفق مؤخراً يقوم بترويجها على نطاق واسع، فحواها أن مبارك الفاضل يقدم رشوة للمسئولين الجنوبيين لتمرير بضائعه التى يقوم بتوريدها الى دولة الجنوب ثم يتقاسم الأرباح بعد أن تمر البضائع دون سداد الرسوم الجمركية!
تركز جل دفاع مبارك الفاضل فى أمرين أولهما أن ابن عمه الصادق المهدي لم يعزز اتهامه ببيِّنات أو مستندات. وثانيهما أن ابن عمه المهدي يسعى لاغتيال شخصيته بوسائل غير شريفة لإقصائه من منافسته على زعامة الحزب على حد قوله.

وكان واضحاً من لغة وعبارات البيان أن الرجل -يستميت دون جدوى- فى محاولة لإبعاد التهمة الشنيعة عن نفسه، ولكن من المؤكد أن مبارك الفاضل خانته كل مهاراته وبراعته هذه المرة، ليس فقط لأن الاتهام له دلائل واضحة يمكن أن تسنده وتعضد من صحته، ولكن لأنّ الرجل وضع من الأساس نفسه فى مواضع الشبهات بإدارته لتجارة واسعة النطاق فى الدولة الجنوبية الوليدة، من المؤكد أنها وفي ظل الفساد المستشري هناك، والذي أفرز هذا الصراع الدامي الدائر حالياً فإن من الصعب على مبارك الفاضل -مهما كان بريئاً- أن يثبت نصاعة جلبابه ونظافة يده من ذلك الطين الاستوائي الأسود!

إذن ما هي الدلائل التي يمكن أن تشير الى صحة اتهام السيد الصادق الذي وجهه لابن عمه فى موقف نادر لم يعرف فيه عن المهدي سعيه وراء سقطات الآخرين المساس بالشرف والأمانة؟

أول دليل أن مبارك الفاضل وفى متن بيانه يشير الى أن السيد الصادق قال إن الرئيس الجنوبي سلفا كير شخصياً أشتكى من تصرفات مبارك الفاضل ورشوته لوزرائه، وهذا معناه أن الاتهام من أساسه صادر عن الرئيس الجنوبي ومن الغريب هنا أن يركز مبارك الفاضل على ابن عمه فقط تاركاً المصدر الرئيسي والحقيقي للاتهام خاصة وأن ممارسة مبارك الفاضل للتجارة فى دولة الجنوب لم تتم إلا لامتلاكه لعلاقات جيدة مع المسئولين الجنوبيين وفى مقدمتهم كير نفسه، فلماذا لم يلجأ الفاضل أولاً الى سؤال الرئيس كير عن صحة ما نسب إليه؟ لأنه لو فلعل لأشار فى بيانه الى انه رجع الى مصدر الاتهام ونفى له ذلك ومن ثم يصبح السيد الصادق فى هذه الحالة هو المسئول الأوحد عن الاتهام.

الدليل الثاني أن مبارك الفاضل -لو كان صادقاً- لأرفق مع البيان كل التوريدات التجارية منذ أن بدأ عمله فى دولة الجنوب مدعمة بمستندات الجمارك بتواريخها وبأختامها الرسمية، لأن الاتهام خطير والطريقة الوحيدة لنفيه هي إثبات صحة التوريدات مرفق معها مستندات الجمارك، وفيما لم يفعل مبارك وربما لن يفعل طالما أنه أخرج بيانه وانتهى فإن الاتهام يظل قائماً الى حين ثبوت العكس.

الدليل الثالث، طلب مبارك الفاضل فى بيانه من السيد الصادق تعزيز إتهامه بمستندات وبينات! ومعنى ذلك أن مبارك يريد إبراز مستندات تثبت منحه للرشوة للمسئولين الجنوبيين، ولعمرك هذه سابقة لم يسبقه عليها أحد!

الدليل الرابع أن جوهر النزاع الدائر فى دولة الجنوب حالياً قائم على تفشي الفساد لدى كبار المسئولين هناك، وبعضهم ما يزال يواجه إتهاماً جنائياً ومن الطبيعي وقد اطلع الرئيس كير على أوراق التحقيقات أن يدرك ما فعله مبارك الفاضل!

وأخيراً فإن السيد الصادق المهدي -إن لم يكن الاتهام صحيحاً- لا حاجة له بالمساس بشرف وأمانة ابن عمه على الملأ وهما فى النهاية أخوين لجد واحد، وكلاهما يحمل إسم المهدي وربما لهذا السبب لم يجد مبارك الفاضل فى بيانه ما يقوله سوى أن الاتهام يسيء للجميع!

سودان سفاري
ع.ش

[/JUSTIFY]
Exit mobile version