ولم استغرب قرار الجالية السودانية بالمملكة الذي قضى بـ «اعتقال» المناضل البطل الطيب الزين واحتجازه هناك، ولم أندهش لإصرارها على عدم الإفراج عنه إلا بعد تكريمه على نحو يليق بالقيم الفاضلة التي يحملها الطيب بدواخله النظيفة، لم استغرب كل ذلك لأن الرجل يستحق أكثر من ذلك … قد يقول قائل لماذا الاهتمام بهذا التصرف الذي يبدو عادياً وقد يحدث ويتكرر من جانب الكثير من السودانيين بالداخل والخارج، فلماذا هذا الراعي وحده يقيم الدنيا ولم يقعدها، ونقول أن تكريم الطيب يوسف هو تعزيز وإعلاء لقيّم فاضلة كادت تندثر وسط زحمة الحياة وزيفها وجفائها، ولا شك أن تركيز المجتمع ووسائل الإعلام على هذه الحادثة إنما يعني تحفيزاً لهذه القيم حتى لا يظن ظان أن المبادئ والقيم الفاضلة أصبحت من والتراث والأحاجي والأساطير، وما الطيب الزين إلا رمز لهذه القيم.
وبمناسبة الطيب الزين دي نحكي طرفة تقول إن أحد المغتربين «المعصلجة معاهم» وقضوا وقتاً طويلاً في الاغتراب دون فائدة هاتفه أهله بالسودان طالبين منه أن يفعل ما فعله الطيب، لكي يرفع رأسهم، وطفقوا في كل مرة يتصلون به ويحثونه على أن يفعلها وفي كل لحظة يسمع منهم: «عايزنك ترفع رأسنا.. عايزنك ترفع رأسنا»، فلما ضاق بهم ذرعاً رد عليهم قائلاً: «يا أخوانّا أنا رأسي قادر أرفعه؟ لما ارفع رأسكم إنتو» .
وختاماً نؤكد أن تكريم الطيب والاحتفاء به هو انتصار على كيد الشيطان الواهن الضعيف وتشجيع وتحفيز لقيّمنا الإسلامية الفاضلة من صدق وأمانة ومروءة، وما هذا الطيب إلا رمزية فقط، وسيفنى الطيب مثله مثل السابقين الأولين وتبقى القيم والمبادئ إلى يوم الدين.. لذلك يجب أن يكون الاحتفاء غير مرتبط بشخص ما يُمثل ظاهرة عابرة سرعان ما ينساها الناس، ولكن ينبغي أن يرتبط بالقيمة أولاً ثم رمزيتها الوقتية، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
صحيفة الإنتباهة
ع.ش