(أخوكم/عمكم/ صاحبكم (كل شيء إلا جدّكم) على سفر طويل، لظرف طارئ جدا، ومن ثم سامحوه لأنه سيعيد هنا نشر مقالات قديمة بعد تنقيحها، إلى أن يفرجها صاحب الفرج قريبا بإذنه)
لا أحب النكد لنفسي او لغيري، وأتفادى قدر المستطاع الأشخاص العبوسين الذين لا «تطلع» منهم الابتسامة إلا كخلع الضرس، كما أتجنب قدر المستطاع مجالسة ذلك الصنف من البشر الذي يهوى الشكاة.. تقول له: ما شاء الله اليوم حالتك طيبة ويبدو أنك تخلصت من آلام الظهر فيقاطعك: وين تخلصت؟ الحال في حاله، وكمان عندي قرحة وروماتيزم في الحواجب والتهاب في الأذن الوسطى.. والمدير السخيف رفض ان يعتمد إجازتي المرضية مع أنها ما تزيد على 27 يوما!! ولكنني – أحيانا – اسمع أو أقرأ حكايات تسبب لي كدرا شديدا واحتاج الى ان أفضفض كي لا أصاب بمرض نفسي.. وبما ان الله قيض لي عمودا صحفيا فإنني أستطيع أن أفضفض على نطاق واسع.. ولو سببت لكم الحكاية التي سأكتب عنها اليوم بعض القرف والضيق فلكم ان تتخيلوا حالي عندما علمت بتفاصيلها:
أمامي الآن قصاصة بلا تاريخ من صحيفة قطرية (لم أنجح في معرفة اسم الصحيفة من القصاصة) تحوي تحقيقا وافيا عن حالة شابة عربية «وافدة» وتقصت الصحفية التي كتبت التحقيق مختلف جوانب الحالة للتأكد من صحة عناصرها: زارت الشابة مبنى الجريدة وهي تحمل طفلا عمره نحو 18 شهرا،.. عمرها 24 سنة وأتى بها زوجها الى قطر، وبعدها بأشهر قليلة أبلغها انه مسافر الى بلده لأسبوعين، وخرج ولم يعد حتى الآن،.. لم يتعرض لمكروه بمعنى مرض او حادث سيء بل اتضح انه شخص كريه والمكروه خسارة فيه (استغفر الله ولكن اعذروني)… خلال الأشهر الأولى التي أعقبت سفره كان يرد على مكالماتها الهاتفية ويختلق لنفسه الأعذار كي يبرر غيابه، تاركا إياها في بلد لا تعرف فيه أحدا، مع طفل لم يكمل عامه الأول، ثم انقطع الاتصال بينها وبينه وسألت عنه بعض أقاربه فقالوا لها إنه لا أحد يعرف رقم هاتفه الجديد، «ويا بنت الناس أنس الموضوع لأن الرجل تزوج بأخرى».. أحيانا أحس بأن اللغة تخذلني.. ارجع الى الجملة السابقة «الرجل تزوج»!! شخص يترك زوجة في ريعان الشباب بلا عائل أو معين مع طفله في بلد ليس لهما فيها قريب لـ11 شهرا كيف يكون «رجلا»؟
في مرحلة ما فكرت الزوجة الشابة في مغادرة قطر عائدة الى بلدها، بعد بيع بعض أثاث البيت.. ولكنها اكتشفت انه أجر بيتها من الباطن لآخرين «مفروشا».. انتقلت الى مسكن مؤقت وهي عازمة على مغادرة قطر بأسرع ما يمكن ولكنها لم تجد جواز سفرها.. ثم اتصل بها مكتب تأجير سيارات مطالبا إياها بدفع 5000 ريال أجرة السيارة لاسترداد جواز سفرها!! وكما فعل عادل إمام في مسرحية «شاهد ما شافش حاجة» عندما دفع فاتورة الهاتف بعد أن هددته مصلحة التلفونات بمصادرة «العدة» ما لم يسدد قيمة المكالمات التي أجراها، وصاح فجأة «ثم أنا ما عنديش تلفون»، فقد صرخت المسكينة: ثم أنا لا أعرف أبجديات قيادة السيارات.. اتضح ان البعل البغل باع سيارته قبل السفر وظل يستخدم سيارة مستأجرة بعد ان ترك لدى مكتب التأجير جواز زوجته كضمان.
ولهذه الحكاية بقية، وهي تتكرر في العديد من البلدان، ولو بصيغ مختلقة، وسأروي بعضا منها خلال الأيام المقبلة إن شاء الله.. وخاطبت في عنوان المقال الرجال بصيغة الجمع لأن بعضهم يعامل زوجته وكأنها بضاعة لها أمد صلاحية.. فيهمل أمرها أو «يرميها» أو يعاملها وكأنها جماد.
[/JUSTIFY]
جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]