انقلابية أم تخريبية أم استباقية؟

[JUSTIFY]
انقلابية أم تخريبية أم استباقية؟

(1)
اختلاف البشر أي قدر من البشر حقيقة أزلية (وجعلناكم شعوبا وقبائل..) الآية.. وأن يتطور الاختلاف الى خلاف ثم نزاع وصراع أمر طبيعي ولكن يمكن للصراع أن ينظم ولا يكون مميتا بل يكون تعايشا (.. لتعارفوا) الآية. . وحسنا فعلت الليبرالية العالمية في تنظيمها لذلك الصراع بنشأة العقد الاجتماعي ثم التعددية الفكرية والمصلحية التي تبلورت في النظام الحزبي الحديث. الصراع بين بني البشر أمر أزلي ولن ينتهي الى يوم الدين والنظام الحزبي شكل من أشكال التنظيم البشري لذلك الصراع وهو آخر الإبداعات البشرية قد لا يكون أحسنها فالمستقبل قد يفرز نظاما أكثر تقدما وأحسن تنظيما ولكن الى حين ذلك ينبغي أن نتعايش مع التعددية الحزبية المطروحة حاليا ونخضعها لواقعنا الى أن يحل ذلك الأحسن هذا إذا كان هناك
(2 )
حكومة الإنقاذ ومنذ مجيئها أعلنتها حربا على الأحزاب واستطاعت أن تقصيها من السلطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وقالت إنها تفعل ذلك تأسيسا على مرجعية دينية لكن الأحزاب المشتركة معها في القبلة لم تستثنيها فقد حشرتها في زاوية لم يعد أمامها إلا أن تستجدي الإنقاذ شيئا من المشاركة وشيئا من القسمة فكان الانفراد الكامل بالسلطة وبذلك يكون من الطبيعي أن يحدث صراع داخل السلطة بين مكونات الإنقاذ نفسها لأن الصراع كما ذكرنا أعلاه من طبيعة البشر وهو أمر حتمي، فإذا أنت كتفت خيول الآخرين وجعلت خيولك وحدها التي تجري في المضمار لا بد من أن تتنافس خيولك فيما بينها فمن من البشر لا يريد أن يكون الأول.
(3)
المعارضة للإنقاذ لم تستطع أن تشكل بديلا لها لضعفها وتشتتها واختلاف وسائل معارضتها فمنها من يطرح السلاح كوسيلة لانتزاع السلطة ومنها من يطرح المقاومة المدنية السلمية ومنها من ينتظر الفرج من الخارج إن شاء الله إسرائيل فزاد هذا التباين من انفراد أهل الإنقاذ بالسلطة وفي نفس الوقت زاد من التنافس والصراع الداخلي فالخطر الخارجي كان يمكن أن يكون عامل وحدة ولو كانت وحدة سلبية. تردي الأحوال اقتصاديا وسياسيا وأمنيا جعل طلب المراجعة من داخل الإنقاذ أكثر إلحاحا من الذين خارجها فزاد هذا من حدة الصراع والاحتقان داخل الإنقاذ.
(4 )
لم يعد ذلك الصراع الداخلي مستترا بل كشف عن نفسه في الانتقادات والمنابر والمذكرات والذي منه فكان منبر السلام العادل ثم مذكرة الألف أخ ومجموعة سائحون وبالطبع غير المرئيين هم الأكثرهذا بالإضافة للموتورين الذي أخرجوا من السلطة قهرا أو وشاية أو خوفا وأصبحوا فاقد سياسي فدواعي الصراع المكشوف أصبحت متنامية وأكبر وأوضح ولعل مؤتمر الحركة الإسلامية الثامن الذي عقد قبل أيام قد كشف هذا للجميع لا بل أظهر شيئا من توازن القوى المفضي لكافة أشكال الصراع بما فيها الذخيرة الحية.
(5 )
لذلك يكون من الطبيعي أن تحدث محاولات عنيفة لتغيير الحكم أو لتصحيح الحكم أو حتى لتحذير الحاكم أو تنبيهه. قد تهدف تلك المحاولة لإجراء عملية جراحية بسيطة ببنج موضعي أو الليزر أو قد تكون جراحية كبيرة أو تكون لتغيير كامل في الكابينة القيادية؛ المهم أن هناك حراكا ورفضا ليس من داخل الحوش إنما من داخل الغرفة. الحكومة قالت إنها تخريبية وأحيانا تقول انقلابية وآخرون قالوا إنها استباقية وهناك من وصفها بالوقائية والبعض قال إنها (فبركية) للملمة العقارب المتناثرة في أرجاء الغرفة وأنحاء الحوش وحشرها في زجاجة واحدة. هكذا خمسة أسماء تعكس حقيقة واحدة وهي وجود الصراع.

[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]

Exit mobile version