ولعل أول تساؤل ربما يتبادر فى ذهن كل قارئ لبيان (الإصلاح الآن) وندوتها التى يبدو أنها أشاعت فيها بهجة وحبوراً واضحاً أن هذه الخطوة هل تحسب لصالح نظام الحكم القائم باعتبار انه يوسع تدريجياً من نطاق الحريات ويؤكد باستمرار جديته فى بسط الحريات؛ أم تحسب لصالح الإصلاح الآن الذي (خالف القانون)؟ وشعر بسعادة غامرة لنجاحه فى مخالفة القانون؟
من المؤكد أن قادة الإصلاح الآن قد تعجلوا قليلاً فى إطلاق هذه (الزغرودة السياسية) إذا جاز التعبير فمن جانب أول فإن الحزب لم يتأكد حتى الآن ما إذا كان قد أكمل تماماً إجراءات تسجيله أم لا. إذ المعروف أن الممارسة المنظمة -بأي درجة كانت- تستلزم فيما تستلزم الالتزام بالقوانين المنظمة وليست المقيدةللنشاط السياسي.
ومع ذلك فلنفترض أن الحزب أكمل تسجيل نفسه؛ السؤال هو لماذا حرص الحزب على الالتزام بالقانون فيما يخص عملية التسجيل وإشهار الحزب وفى ذات الوقت حرص على (خرق) القانون فى شأن إقامة الندوات؟ هل من المنطقي لحزب ناشئ يبحث ويتلمس خطاه في الساحة السياسية أن يبدأ أول ما يبدأ بخرق القانون الذي احتكم إليه؟
ومن جانب ثانٍ فلنفترض أن الحزب يستثقل نصوص القانون الداعية لأخذ الإذن لإقامة ندوة سياسية ويرى أن الحرية تقتضي أن يمارس حقه في إقامة الندوات متى شاء وأنى شاء وكيف شاء؛ ماذا سيكون موقف الحزب إذا ما أقام حزب آخر فى ذات الموقع أو قريباً منه -بممارسة ذات الحرية- ندوة مناهضة له ووصل الأمر الى حد العراك والتنازع؟
من جانب ثالث، الحزب يسمي نفسه الإصلاح الآن، أي أنه معنيّ بتقويم أي اعوجاج يعتقد أنه لا يتسق مع مجريات الأمور وما ينبغي أن تكون عليه الأوضاع عامة فى السودان فهل (خرق القوانين) والتي كان قادة الحزب -باعتبارهم أعضاء فى البرلمان قد شرعوها- يعتبر عملاً من قبيل الإصلاح؟ بمعنى أدق هل الإصلاح المنشود هو بالتخلي عن الالتزام بالقوانين السارية أم العمل على مخالفتها والإجهاز عليها الى حين إصلاحها؟
الواقع أن الإصلاح الآن – للأسف الشديد- قدم صورة شائهة ليس فقط لنفسه كحزب وليد يتطلع الى ترسيخ أعراف وتقاليد سياسية محترمة ولكنه قدم صورة شائهة حتى لقضية الإصلاح التى ينادي بها وخرج من أجلها الى الساحة السياسية شاهراً سيف الإصلاح، والذي سقط فى أول امتحان تجريبي له !.
سودان سفاري
ع.ش