بتعرف تطير ؟

بتعرف تطير ؟
** ومن لطائف الحيوانات ذات المغزى في عالم البشر، يحكى أن نسراً ونمراً ترافقاً في رحلة جوية على متن طائرة ليس لهما فيها من النصيب غير (ثمن التذكرة)..وعلى إرتفاع شاهق، شرع النسر في توجيه قائد الطائرة : لف يمين، لف شمال، دوس فرامل، إدي أبانص، و…إستاء القائد، وأمر أفراد التأمين بالطائرة بإسكات النسر، فقذفوه بالنافذة..وقبل أن يواصلوا رحلتهم، لم يتعظ النمر من درس النسر، فشرع يوجه القائد : لف يمين، لف شمال، إدي أبانص، دوس فرامل، و..فاستاء القائد أيضاً وأمر أفراد التأمين باسكات النمر أيضاً، فقذفوه بذات النافذة التي قذفوا منها النسر .. بالخارج، وقبل الأرض بنصف ميل، سأل النسر رفيقه : (بتعرف تطير؟)، فأجاب متوجساً : ( لا والله، الحل شنو؟)، فغادره محلقاً وقائلاً : طيب التوجيه العليك شنو..؟؟

** وهكذا تقريباً قيادة هذه الحكومة، إذ لاتحب ثرثرة الركاب ، ولا تحبذ التوجيهات الصادرة من المقاعد الخلفية.. ومن إرتضى بأن يكون على متنها، عليه أن يلتزم الصمت طوال ساعات الرحلة، أويتحمل ثمن التوجيه ، تحليقاً بالخارج وبعيداً عن الطائرة – كما ذاك النسر- إن كان له مقومات التحليق، أوإرتطاماً بالأرض – كما ذاك النمر- إن لم يكن يملك أدوات التحليق.. وبعد كثير توجيه لم يسفر غير القذف بالنافذة، نجح الشعبي في التحليق بعيداً عن الطائرة، وذلك بفضل فكر وتاريخ وقواعد الشيخ الترابي، وتلك الأشياء هي المعنية هنا مقومات التحليق..!!

** وكان على الفريق صلاح عبد الله – ورفاقه – أن يتعظوا من ذاك الدرس بحيث يواصلوا رحلتهم بالصمت، أو يتحسسوا أنفسهم إن كانت لها مقومات التحليق في حال إخراجهم بنافذة الطائرة .. لم يتعظوا ويصمتوا، وكذلك لم يتحسسوا تلك المقومات، بل ثرثروا كثيراً ثم جاهروا بالتوجيه، وها هم – منذ الخميس الفائت – قاب قوسين أو أدنى من الإرتطام .. وبالتأكيد لسان حال الشعبي اليوم ، وهو يحدق في سرعة نزول هؤلاء، لايختلف كثيراً عن خطاب من شاكلة : لو مابتعرفوا تطيروا، التوجيه العليكم شنو..؟؟

** ليس هناك داع لخداع الذات والناس، ما حدث لم يكن سعياً نحو إنقلاب يأت بنظام جديد، ولا هؤلاء المتهمين بالإنقلاب – أو بالتخريب كما أسمته أجهزة الحكومة – يحملون من الأفكار والرؤى ما يصلح بأن يكون (جديداً في حياة الناس والبلد)، بل هم – شخوصاً وأفكاراً وروئ – ينتمون لذات الأفكار والرؤى التي تشكل منظومة (النهج الحاكم).. هذا محض صراع حول مرحلة ما بعد البشير، وهؤلاء من الذين فكروا في تلك المرحلة بصوت عال.. ولذلك، لم يكن مدهشاً أن يقابل الرأي العام الحدث بالإستنكار والسخرية..والإستنكار مرده قناعة عامة مفادها (تصرف هؤلاء محض سعي نحو مقاعد السلطة، وليس في جبتهم ما يصلح بأن يكون الأفضل للناس والبلد)، أما السخرية فهي تتساءل بوضوح مفاده : ألم يكن بعضكم نافذاً في مفاصل صناعة القرار ، وممسكاً بقلم التوقيع في تلك المفاصل؟، فلماذا لم يقدم للناس والبلد فعلاً إصلاحياً، بدلاً عن البطش والتنكيلً؟..هكذا يسأل الرأي العام، ثم لايبالي بحدث كما الفخار يكسر بعضه ..!!

** ولذلك، بالمختصر المفيد، ما حدث – ويحدث – لايمت إلى إصلاح حال الناس والبلد بأية صلة، وليس من العدل أن يتحملا – الناس والبلد – ثمن صراع آخر لاناقة لهما فيه ولاجمل .. فالناس والبلاد بحاجة إلى سلام يحل محل الحروبات، وديمقراطية تحل محل الإنقلابات، وتغيير في جوهر النهج الحاكم وليس في مظهره فقط .. يعني بالعربي كدة : الناس والبلد بحاجة إلى (سلام، حرية، عدالة)، وليس ( إنقاذ موديل 2012) .. وعليه، يقول المشهد الراهن، على لسان الناس والبلد : من رضي بأن يكون على متن طائرة الأنتنوف هذه، فليبق هادئاً وصامتاً حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً، أو يخرج منها ويحلق بعيداً عنها كما الشعبي، (لو بيعرف يطير ) ..!!

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]

Exit mobile version