يوسف عبد المنان : الجنوب يغرق !!

[JUSTIFY]غرق جنوب السودان مره أخري في الصراع الدامي بين الحكومة والمتمردين والجنوبيين، وامتدت العمليات الآن إلي المناطق الحدودية مع السودان، وهي المناطق الأكثر كثافة سكانية في كل من أعلي النيل و”الوحدة”، إضافة إلي شمال بحر الغزال، والأخيرة ما تزال بمنأى عن الصراع لأن أغلبية سكانها من “الدينكا” الموالين للرئيس سلفاكير مياردين.. بينما الأوضاع في ملكال و”بانتيو” تتخذ منحنى خطيراً كصراع إثني بين (النوير) من جهة و(الدينكا ) و (الشلك) من طرف أخر.. وبلغت المفاوضات علي الأرض الجدار المسدد تماماً واستعصى علي المفاوضين الوصل لنقاط اتفاق.. الشيء الذي يهدد تنامي الصراع العنيف في الجنوب الذي يتأثر به السودان اقتصادياً وسياسياً وأمنياً.. والغافلون هنا من يقرأون الأحداث بعين السخط والشماتة على إخوة لنا اختاروا بطوعهم الذهب لحال سبيلهم كدولة مستقلة, ولكن “فيروس” الخلافات والنزعات صرب صفهم وهدد بذهاب وحدتهم وتهديد استقلالهم.

*الأوضاع المأسوية الآن في (ملكال) ستقود للجوء آلاف الجنوبيين لوطنهم الأم السودان عبر طرق برية سالكة هروباً من جحيم الحرب هنالك… وفتح السودان أذرعه لاستقبال اللاجئين الجنوبيين كأشقاء وحالة إنسانية، وفي أخبار الأمس أن تديناً مريعاً في إنتاج البترول الجنوبي قد شهدته الأيام الأخيرة ولم يزد الإنتاج عن(170) ألف برميل في اليوم وربما تلاشى الإنتاج إلي الصفر وتوقف تماماً تبعاً لمسار العمليات الجارية الآن في “أعالي النيل”، ليفقد الاقتصاد السوداني الكثير من العملات الصعبة وتزداد معاناة الشعب السوداني في الحصول علي الدواء ورغيف الخبز والوقود. وقد شهدت أسوقنا في الأيام الماضية حالة ركود اقتصادي خطير وتنام مضطرد في الأسعار…والآثار الاقتصادية لحرب الجنوب أكثر وقعا علي السودان من دولة الجنوب التي لا تنقصها المعاناة منذ سنوات طويلة. أما أمنياً وعسكرياً فإن الحركات المسلحة الشمالية المتمردة من “قطاع الشمال” وحركة “العدل و المساواة” هي المستفيدة من حالة السيولة التي يعيشها الجنوب..تنهب المال وتحصل علي السلاح بدعوى مناصرة طرف على الآخر وهي تعمل لخدمات أغراضها الذاتية…

*والفوضى الأمنية تنجم عن تسرب السلاح لأن دولة الجنوب حينما تفقد السيطرة على بعض أطرفها وخاصة الأجزاء الشمالية المتاخمة للسودان، فإنها لا تستطيع أن تفعل شيئا لكبح جماع الحركات المتمردة السودانية وهي تستغل الفوضى الحدودية لخدمات أهدافها السياسية والعسكرية وحتى المفاوضات المعلن عنها الأسبوع الجاري في “أديس أبابا” لن تحقق أي تقدم إذا كانت الأوضاع في الجنوب غير مستقرة والحرب تشتعل بضراوة وقادة (قطاع الشمال) مشغولون بحرب في الجنوب أكتر من انشغالهم بمفاوضات “أديس أبابا”.. ووجود السيد مالك عقار في “أثيوبيا” حالياً متابعاً لمفاوضات الجنوبيين ومتوسطاً بينهم وجود طبيعي جداً في ظل حالة الأبوة والأمومة بين المتمردين الشماليين ودولة الجنوب.

*إن انحدار الجنوب ألي أسفل وولوغه في عنف دام أكبر مهدد لاستقرار السودان، ولكن القراءة غير المحيطة بدقائق الأوضاع تجعل البعض شامتاً على فشل الجنوب، ولكن الأكثرية من الشعب السوداني حزين وعيونه دامعة لما يحدث في جزء عزيز من الوطن الذي كان!!

صحيفة المجهر السياسي
ع.ش

[/JUSTIFY]
Exit mobile version