** ولها حق الاحتفاء، فالأصل في نهج المسؤول بالسودان ليس وقاية الناس والبلد من الكوارث والأوبئة، سياسية كانت أو صحية، بل الأصل هو استقبال الكوارث والأوبئة بالأريحية والترحاب ثم الجلوس على آثارها ومآسيها بمنتهى اللامسؤولية القائلة: (كويسة إنها جات على كده)، أو هكذا يتم دفن التقاعس والإهمال وسوء الإدارة.. فليحدثنا أبناء بلادنا بأمريكا عن إعصار سادي قليلاً، عسى ولعل تتعلم أجهزة الدولة هنا كيفية التعامل مع الكوارث والطوارئ؟، فليحدثونا عن مجابهة الأزمات، وعن الوقاية، وعن إدارة أزمة الإعصار، وعن غرف العمليات، وعن تكامل السلطات وأداء أجهزتها، وعن حماية المتأثرين، وعن تعويضاتهم، وعن..، و..، وعن..، وعن (قيمة الإنسان هناك)، ومعنى أن يكون (المسؤول مسؤولاً)..!!
** وكذلك فليحدثنا أبناء بلادنا بمصر عن رد فعل أجهزة الدولة المسؤولة هناك حين لقي (51 طفلاً) حتفهم في حادث (قطار أسيوط).. فليحدثونا عن استقالة وزير النقل بعد الحادث؟، واستقالة مدير أمن أسيوط بعده؟، وعن مدير السكك الحديدية الذي سبقهم في سباق الاستقالة؟.. فليحدثونا عن (قيمة الإنسان هناك)، وكيف ترغم تلك القيمة المسؤولين على محاسبة أنفسهم بالاستقالة قبل أن تحاسبهم أجهزة الدولة المحاسبية بالإقالة؟.. هكذا الإحساس بعظمة المسؤولية، ثم الإحساس بـ(وخزات الضمير).. وهنا تتظاهر السياسة ويبتهج ساستها في الساحات والقاعات في مهرجانات السياسة، ولا تتحرك الإنسانية والمسؤولية والضمائر في نفوسهم عندما تحصد الحمى مائة روح وترهق أربعمائة أخرى من رعيتهم.. ولو تحركت لما بلغ عمر الوباء شهراً وآخر، ولما واصل مسؤول عن صحة الأهل بدارفور- مركزياً كان أو ولائياً – عمله في العمل العام يوماً، ولكنهم يعملون وكأنهم غير مسؤولين عن موتى الحمى ومرضاها.. ما جدوى السياسة والسياسي حين يغضا طرفهما عن (قيمة المواطن)..؟؟
** ولن يحدث شيء في ولايات دارفور ولا في مركز السودان المسؤول عن تلك الولايات وأهلها، أي مات البعض ومرض البعض الآخر، و(جبنا الأمصال، وخلاص).. لن يُحاسب وزير الصحة عن لا مبالاة تجاوز حدها الشهرين صمتاً وسكوناً.. ولن يُحاسب مدير هيئة الإمدادات الطبية عن لا مبالاة بلغت حد خلو مخازنها من الأمصال، بحيث تفاجأت بالوباء ثم تحركت بعد أن حصدهم الموت والمرض.. ولن يُحاسب ولاة دارفور ووزراؤها عن لا مسؤولية بلغت حد الانشغال بمؤتمرات الحركة الإسلامية في ذات الأيام والأسابيع التي كان يدفن فيها المرضى موتاهم في الوديان والأرياف المنسية.. لن يحاسبهم أحد بالإقالة، ولن يحاسبوا أنفسهم بالاستقالة، إذ قيمة مناصبهم لاتزال أغلى في نفوسهم من (قيمة مواطنهم)..!!
إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]