أين هو يوم الطفل ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
وصت الجمعية العامة في عام 1954 م ، بأن تقيم جميع البلدان يوماً عالمياً للطفل يحتفل به بوصفه يوما للتآخي والتفاهم على النطاق العالمي بين الأطفال وللعمل من أجل تعزيز رفاه الأطفال في العالم. واقترحت على الحكومات الاحتفال بذلك اليوم في التاريخ الذي تراه كل منها مناسباً ، ويمثل تاريخ 20 نوفمبر اليوم الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة إعلان حقوق الطفل ، في عام 1959 واتفاقية حقوق الطفل في عام 1989 .
في عام 2000 أوجز زعماء العالم الأهداف الإنمائية للألفية التي تتراوح بين تقليل الفقر المدقع بمقدار النصف ووقف انتشار فيروس نقص المناعة البشرية – الإيدز – وتحقيق تعميم التعليم الابتدائي، كل ذلك بحلول الموعد المحدد في عام 2015 ، بالرغم من أن الأهداف هي لكل البشرية ، إلا أنها تتعلق أساساً بالأطفال ، وتشير اليونيسيف أن ستة من الأهداف التمانية تتعلق مباشرة بالأطفال وأن تحقيق الهدفين الأخيرين سوف يدخل تحسينات هامة للغاية على حياتهم .
ففي 20 تشرين الثاني 1989 اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية حقوق الطفل الدولية، ومنذ ذلك التاريخ وقعت وصادقت عليها جميع دول العالم باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية والصومال.
وعلى الرغم من مُضي ما يزيد عن ستة عشر عاماً على اعتماد هذه الاتفاقية وتصديقها ودخولها حيز النفاذ، إلا أن أوضاع الأطفال في مختلف أرجاء العالم يزداد سوءاً بشكل مضطرد، فأعداد الأطفال الذين يفقدون حياتهم نتاج لإصابتهم بأمراض من الممكن الشفاء منها في تزايد مستمر، كما أن أعداد الأطفال الذين يقتلون في النزاعات المسلحة ويخرطون في التجنيد الإجباري في تزايد مستمر هذا بالإضافة إلى الأنشطة والتي بطبيعتها تؤثر سلباً على صحة الأطفال في تزايد مستمر أيضاً.
أطفال فلسطين الأكثر معاناة :
وعلى المستوى الفلسطيني، فإن حال الأطفال الفلسطينيين ليس أفضل من حال أقرانهم في مختلف أرجاء العالم، فعلى الرغم من دخول اتفاقية حقوق الطفل حيز النفاذ في إسرائيل في تشرين الثاني من العام 1991، وبالرغم من تأكيد اتفاقية حقوق الطفل في مادتها الثانية على احترام وضمان الحقوق الموضحة في الاتفاقية لكل طفل يخضع لولايتها دون تمييز، إلا أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي دأبت منذ احتلالها للأراضي الفلسطينية على إتباع سياسات تمييزية ضد الفلسطينيين عموماً وضد الأطفال بشكل خاص، فسياسة التمييز العنصري الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، تنعكس في القوانين وفي الممارسات الإسرائيلية العنصرية، فوجود نظامين قانونيين إحداهما يمارس على الفلسطينيين وآخر يطبق على المواطنين الإسرائيليين هو تجسيد لعنصرية دولة إسرائيل ولسياساتها وممارساتها التمييزية بحق الفلسطينيين ، ومحاولات إسرائيل للتنصل من التزاماتها تجاه الأطفال الفلسطينيين الذين يعيشون في الأراضي المحتلة من خلال الادعاء أن إسرائيل نقلت كافة الصلاحيات المدنية التي تعالجها اتفاقية حقوق الطفل للسلطة الفلسطينية بعد التوقيع على اتفاقيات أوسلو ينفيها الواقع، فإسرائيل حتى هذه اللحظة لا زالت تسيطر بشكل فعلي على كافة المناطق الفلسطينية المحتلة وتتحكم بكل شيء في هذه المناطق، وقد أكد على المسؤولية القانونية لدولة الاحتلال كافة هيئات الأمم المتحدة ولجانها التي تضطلع بمراقبة اتفاقيات الأمم المتحدة كاتفاقية حقوق الطفل وغيرها من الاتفاقيات والإعلانات والقرارات التي يتشكل منها القانون الدولي لحقوق الإنسان.
ما هي حقوق الطفل؟
أولاً: الحق في الحياة:
هو حق ثابت لكل إنسان سواء كان كبيراً أم صغيراً وأنّ لكل فرد حق في الحياة والحرية وفي الأمان على شخصه.
ثانياً: الحق في الصحة:
أكدت القوانين الدولية مسؤولية الدولة المحتلة عن صحة الشعب الذي يقع تحت احتلالها ،وطالبت بتأمين مستوى من الخدمات الصحية لهذا الشعب مساوية لما تؤمنه من خدمات صحية لشعبها، كما أكدت أيضاً هذه القوانين على عدم شرعية قيام الدولة المحتلة بإحداث أية تغييرات سلبية في بنية الجسم الصحي للشعب الواقع تحت الاحتلال.
ثالثاً: الحق في التعليم:
بين المبدأ التاسع من إعلان حقوق الطفل لعام 1959، على حق الطفل في تلقي التعليم، الذي يجب أن يستهدف “رفع ثقافة الطفل العامة وتمكينه على أساس من تكافؤ الفرص من تنمية ملكاته وحصانته وشعوره،بالمسؤولية الأدبية والاجتماعية ومن أن يصبح عضواً مفيداً في المجتمع.
رابعاً: الحق في السكن:
أشارت إلى حق كل طفل في سكن مناسب، وحثت على إعمال هذا الحق، وتقديم المساعدة المادية وبرامج الدعم، عند الضرورة، إلاّ أنّ قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، لم تمتنع عن قصف وهدم المنازل السكنية إلى حد الإزالة، كما اضطرت عدداً آخر من الأسر إلى هجر منازلها، بسبب قربها من مواقع القصف. وإذا كان المنزل هو وحدة الأمان الأولى في حياة الإنسان، ولا مكان آخر على الإطلاق يمكنه أن يوفر الأمن والسكينة، فيمكن تصور مدى الضرر النفسي والمادي الذي لحق بالكثير من الأسر وأطفالها الذين تعرضت منازلهم للقصف والتدمير، وأصبحوا بين ليلة وضحاها مشردين مجدداً. ناهيك عن التدمير الذي طال خدمات البنية التحتية من شبكات المياه والصرف الصحي والهواتف وشبكات الكهرباء والطرق، التي تركت انعكاسات سلبية على مدى تمتع الكثير من المواطنين الفلسطينيين بالحق في سكن ملائم ، ولا نستطيع أن نتجاهل القصف الإسرائيلي لمصنع اليرموك بمدينة الخرطوم وما ترتب عليه هذا الحادث من دمار نفسي ومادي لسكان مدينة الخرطوم والسودان كافة .
خامساً: الحق في مستوى معيشي ملائم:
يرتبط الحق في السكن بالحق في التمتع بمستوى معيشي ملائم ارتباطاً وثيقاً، إذ لا يمكن الحديث عن الحق في السكن دون تحقيق مستوى معيشي ملائم، وعليه من بداهة القول، أنّه إذا كان الحق في السكن قد جرى انتهاكه بشكل كبير وصارخ من قبل قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، فإنه من باب أولى الحديث عن الانتهاك الأشمل والأوسع وهو الحق في مستوى معيشي ملائم. فمما لاشك فيه أنّ الأوضاع الاقتصادية والمعيشية تلعب دوراً مهماً، ورئيساً، ومحدداً لكيفية النمو المتكامل للطفل، فبقدر ما يتاح للطفل العيش في ظروف سكن وكساء وتغذية، وجو اجتماعي ملائم، بقدر ما يتوفر له شروطاً أمثل لتكوينه الجسماني والعقلي والنفسي، بل أيضاً تضمن الوصول إلى النمو المتكامل جسمياً ونفسياً وثقافياً وفكرياً، بحيث يسمح لنمو مواهبه وقدراته الفنية والإبداعية. ومن المعروف أنّه منذ بدء الانتفاضة، وسلطات الاحتلال الإسرائيلية تفرض حصاراً شاملاً على أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية، عكس نفسه سلباً علي مجمل الحياة الاقتصادية للشعب الفلسطيني، سواء على مستوى العمال الذين تم منعهم من الوصول إلى أماكن عملهم داخل الخط الأخضر، والذين يعولون أكثر من مائة وعشرين ألف أسرة داخل الضفة الغربية وقطاع غزة، وبالتالي يمكن تصور حجم البطالة والضائقة المالية التي تعاني منها أسر هؤلاء العمال والمرتبطين بهم من أفراد ومؤسسات المجتمع الأخرى، أو على مستوى حركة التجارة التي سادها الكساد والخمول، أو على مستوى الخدمات الأخرى كالصحة والتعليم والزراعة وغيرها
سادساً: الحق في الغذاء:
لا يخفى مدى الترابط بين الوضع الاقتصادي ومستوى تلبية الحاجات الغذائية للإنسان. كما لايمكن لأحد أن يتجاهل الآثار الصحية السيئة لسوء التغذية، والتي تؤدي بدورها إلى مشكلات اجتماعية لاحصر لها. وإذا كان واضحاً الوعي بمدى الأثر المباشر للغذاء على صحة الإنسان، فإنّ هذا الأثر يصبح على جانب كبير من الأهمية والخطورة بالنسبة للطفل، خاصة وأنّ الطفولة هي فترات بناء لجسد وعقل ونفس الإنسان، وأي عجز غذائي فيها قد يؤثر تأثيراً خطيراً على الإنسان قد يصل حد الإعاقة الجسدية أو العقلية
سابعاً: الحق في اللهو:
يشكّل اللهو واللعب حاجة أساسية من حاجات الطفل، لاتقل أهمية عن الحاجة إلى الصحة والغذاء المناسب، أو التعليم، ومن ثم ليس جديداً القول أنّ للهو واللعب أهمية خاصة في حياة أي طفل، حيث فترة الطفولة هي فترة البناء الجسدي والعقلي والنفسي، وهي فترة تربية وتعليم أساس. لذا نبّه الشارع الدولي إلى ضرورة مراعاة هذا الجانب المهم في تكوين شخصية الطفل بشكل متوازن، وعليه فقد قرر المبدأ الرابع من إعلان حقوق الطفل أنّ: “للطفل حق في قدر كاف من الغذاء والمأوى واللهو”.
إعلان حقوق الطفل :
صدر رسميا “إعلان حقوق الطفل” هذا لتمكنيه من التمتع بطفولة سعيدة ينعم فيها,و يكون محمي من جميع الجهات و لديه الحقوق التي تأمن له حياة سعيدة، لخيره وخير المجتمع، بالحقوق والحريات المقررة في هذا الإعلان، وتدعو الآباء والأمهات، والرجال والنساء ، و تنص على ما يلي:
أولا :يجب أن يتمتع الطفل بجميع الحقوق المقررة في هذا الإعلان. ولكل طفل بلا استثناء أن يتمتع بهذه الحقوق دون أي تفريق أو تمييز بسبب اللون أو الجنس أو الدين ، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة أو النسب أو أي وضع آخر يكون له أو لأسرته.
ثانياً: يجب أن يتمتع الطفل بحماية خاصة وأن تمنح له الفرص والتسهيلات اللازمة لنموه الجسمي والعقلي والخلقي والروحي والاجتماعي نموا طبيعيا سليما في جو من الحرية والكرامة.
ثالثاً: للطفل منذ مولده حق في أن يكون له اسم وجنسية.
رابعاً:يجب أن يتمتع الطفل بفوائد الضمان الاجتماعي وأن يكون مؤهلا للنمو الصحي السليم. وعلي هذه الغاية، يجب أن يحاط هو وأمه بالعناية والحماية الخاصتين اللازمتين قبل الوضع وبعده. وللطفل حق في قدر كاف من الغذاء والمأوى واللهو والخدمات الطبية.
خامساً:يجب أن يحاط الطفل المعوق جسمانياً أو عقلياً أو اجتماعياً بالمعالجة والتربية والعناية الخاصة التي تقتضيها حالته.
سادساً:يحتاج الطفل لكي ينعم بشخصية ، إلي الحب والتفهم. ولذلك يجب أن تتم نشأته برعاية والديه وفي ظل مسؤوليتهما ، في جو يسوده الحنان والأمن المعنوي والمادي فلا يجوز، إلا في بعض الظروف ، فصل الطفل الصغير عن أمه. ويجب على المجتمع والسلطات العامة تقديم عناية خاصة للأطفال المحرومين من الأسرة وأولئك المفتقرين إلى كفاف العيش.
سابعاً:للطفل حق في تلقي التعليم، الذي يجب أن يكون مجانياً وإلزامياً، في مراحلة الابتدائية على الأقل، وتقع هذه المسؤولية بالدرجة الأولى على أبويه. ويجب أن تتاح للطفل فرصة كاملة للعب واللهو، اللذين يجب أن يوجها نحو أهداف التعليم ذاتها. وعلى المجتمع والسلطات العامة السعي لتيسير التمتع بهذا الحق.
ثامناً:يجب أن يكون الطفل، في جميع الظروف، بين أوائل المتمتعين بالحماية والإغاثة.
تاسعاً:يجب أن يتمتع الطفل بالحماية من جمع صور الإهمال والقسوة والاستغلال.ولا يجوز استخدام الطفل قبل بلوغه سن الرشد. ويحظر في جميع الأحوال حمله على العمل أو تركه يعمل في أية مهنة أو صنعة تؤذي صحته أو تعليمه أو تعرقل نموه الجسمي أو العقلي أو الخلقي.
عاشراً:يجب أن يحاط الطفل بالحماية من جميع الممارسات التي قد تدفع إلى التمييز العنصري أو الديني أو أي شكل آخر من أشكال التمييز، وأن يربى على روح التفهم والتسامح، والصداقة بين الشعوب، والسلم والأخوة العالمية .
إن من أهم حقوق الطفل الحياة والعيش في أمن وأمان وأن يشعر بالطمأنينة التي توفر له القدرة على النمو والتطور الذهني والإبداع الفكري ، وهذا لن يتوفر في بيئة الحرب والدمار والخوف وأصوات الإنفجارات المدوية والجوع والفقر والمرض ، فما الذي يستطيع المجتمع الدولي تقديمه للطفل والطفولة في يومها ؟ وماذا نستطيع نحن الآباء أن نقدمه لأبنائنا ؟ هذا ما وجب علينا النظر فيه .
هنادي محمد عبد المجيد
[email]hanadikhaliel@gmail.com[/email]