(أخوكم/عمكم/ صاحبكم (كل شيء إلا جدّكم) على سفر طويل لظرف طارئ جدا، ومن ثم سامحوه لأنه سيعيد هنا نشر مقالات قديمة بعد تنقيحها، إلى أن يفرجها صاحب الفرج قريبا بإذنه)
إذا كنت تعيش في قطر أو أتيتها زائرا، فأعلم انه ليس من حسن الأدب ان تشرب أكثر من فنجانين من الشاي او القهوة عندما تكون ضيفا على شخص قطري.. منذ نحو خمس وعشرين سنة وأنا أعيش في قطر، وما عندي خبر بهذا البروتوكول .. يا عيب الشوم.. أنا أصلا لا أشرب القهوة عربية كانت أم فيتنامية ولا أتعاطى القهوة ذات الأسماء الطنانة اسبريسو وكابوتشينو وبرطوشينو.. أي رشفة قهوة وأصاب بالأرق لأربع وعشرين ساعة. ولكنني مدمن شاي.. ودخلت بيوت عشرات القطريين ووضعت أباريق الشاي أمامي وشربت منها مثنى وثلاث وخماس ولم ألمس أي ضيق في وجوه أصحاب البيوت.. ولكن ما قيمة شهادتي وإفادتي أمام شهادة إدارة المخابرات في وزارة الدفاع البريطانية التي أصدرت دليلا لجنودها مكتوب على غلافه «فقط للاستخدام الرسمي»، حول كيفية التعامل مع ثلاث مجموعات بشرية: العراقيين والأفغان والعرب.. لاحظ ان العراقيين هنا شريحة منفصلة عن العرب.. والكتاب معزز بالرسوم الإيضاحية ومنها واحدة لشخص بالغترة والعقال يضع يده على صدره ويقول الكتاب ان علامة الضيق عند العرب ان يضع الواحد منهم كفّه المفتوحة على صدره.. معناها: خلاص … فاض بي الكيل.. حل عن سماي.. مش/مو ناقصك.. وللمرة الثانية «طلع أبو الجعافر جاهل».. عاش عمره كله وسط العرب وكان يعتقد ان الأشخاص الذين يصافحونه ثم يضعون أيديهم على صدورهم يقصدون المبالغة في الترحيب والإشارة إلى أنهم يضعونك في قلوبهم.. «أتاريهم» كانوا يمتعضون من مصافحتي ويضعون أكفهم على صدورهم عدة مرات للتعبير عن ضيقهم بي.
ويقدم الاستخباراتيون البريطانيون العسكريون لنا المزيد عن المعلومات عن أشياء كنا نجهلها عن بعضنا البعض (طبعا الكتيب يهدف الى تنوير الجنود البريطانيين حول سبل كسب قلوب العرب والأفغان).. فمثلا من العيب والعار ان تسأل عربيا عن حال أمه أو ابنته او زوجته او أخته المريضة.. وأنا زي العبيط ظللت أسال أصدقائي الخليجيين عن أحوال أفراد عائلاتهم من الجنسين، بل – ويا للوقاحة – إذا عرفت ان احدهم رزق بطفلة أسأله عن حالها وحال «أمها»!!.. تخيل!! وكم من صديق خليجي علمت بمرض زوجته وسألته عن حالها مرارا وتكرارا، ولكن ما ذنبي ووزارة الدفاع البريطانية لم تصدر كتابها ذاك إلا قبل أربعة أعوام وكان متداولا فقط في الأوساط العسكرية البريطانية؟.. ويقول الكتاب انه إذا وضع العربي إصبعيه السبابة على جانبي وجهه قريبا من العينين فإنه يقصد بذلك إنه يوافق على ما تقول.. أما إذا خفض يديه وكفاه مفتوحتان فمعناه أنه يعتبر ما تقوله «مقبولا جدا».. وحسب الكتاب فإن رفع الإصبع الإبهام كإشارة استحسان، وأن كل شيء على ما يرام «أوكي.. مضبوط.. تمام التمام».. هذه تعتبر قلة أدب.. هذه لغة إشارة عالمية مثل علامة النصر برفع الإصبعين السبابة والوسطى بما يشبه العدد سبعة (V).. البريطانيون يعرفون عنا ما لا نعرفه عن أنفسنا .. ولو – بدلا من الكلام الفارغ الذي نشروه في الكتاب – تركوا العرب في حالهم وحلوا عن سماهم لما اضطروا الى تزويد جنودهم بنصائح غبية جمعها مستعربون أغبياء.
[/JUSTIFY]
جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]