ويطالب البعض الأهلة بالتوقيع على وثيقة تؤكد رغبتهم في استمرار المجلس الحالي، لأن هذا المجلس قد حقق الكثير من الانجازات في نظرهم.
وحتى لا يكون الكلام هلامياً أتوقع أن يحصي هؤلاء للأهلة انجازات المجلس الحالي.
وأعيد للمرة الثالثة أن الحديث عن توفر المال الذي حُلت به الكثير من الديون وسُجل به بعض اللاعبين الجدد لا يعتبر مبرراً كافياً للمطالبة بالتمديد للمجلس الحالي.
لا ننكر لرجال المجلس المعين دورهم في حل مشاكل الديون التي أوشكت أن تعصف بالنادي وتدخله في عنق الزجاجة في مواجهة الفيفا بسبب شكاوى من ظلمتهم المجالس السابقة ولم تمنحهم حقوقهم.
أما التسجيلات فلم يحن الوقت للحكم عليها بشكل قاطع، حيث لم نر من أي من اللاعبين الذين تم تسجيلهم ما يؤكد نجاح المجلس في هذا الملف.
وأما التعاقد مع المدرب النابي، فليس فيه جديد حيث لجأت معظم المجالس السابقة رغم سلبياتها الكثيرة لفكرة التعاقد مع مدربين أجانب.
الأهم بالنسبة لنا هو أن نرى خطوات جادة نحو المؤسسية في النادي وتخليصه من سطوة الأفراد، وفي هذا الجانب لم يطرأ أي جديد في الهلال.
فما زلنا نقف في نفس محطة المجالس السابقة، لذلك استغرب لدعوات البعض المبررة دائماً بالحرص على الهلال ومصلحته.
كثيراً ما تحدثنا عن أهمية فتح أبواب العضوية في الهلال وتمكين كل الأهلة الراغبين في نيل عضوية ناديهم من المشاركة في اختيار مجالس الإدارات عبر تمتعهم بالعضوية الكاملة.
وأشرنا مراراً إلى أن توسع العضوية من شأنه أن يضيف للنادي دخلاً جديداً، علاوة على أنه يضمن مساهمة أشخاص جادين وحادبين على مصلحة ناديهم في عملية اختيار مجالس الإدارات.
ونرى دائماً أن هذه الخطوة إذا ما تمت بصورة صحيحة فمن شأنها أن تقضي على فساد العضوية المستجلبة الذي تأذت منه أنديتنا كثيراً.
لكن الواقع والمؤشرات تؤكد أن المجلس الحالي رغم فتحه للعضوية، إلا أنه قيدها وصعب من أمرها.
كما أن فترة اكتساب العضوية التي ستنتهي اليوم لم تكن كافية لتمكين جميع الراغبين في نيلها من تحقيق غايتهم النبيلة.
فأين الانجازات الكبيرة التي يمكن أن تكون سبباً كافياً للمطالبة بالتمديد لمجلس معين؟!
أين هي الانجازات الملحوظة التي يريدوننا أن ( نكتل قلوبنا) من أجلها ونقبل بأموال مشكوك في أمرها لم نتعود علي قبولها في الهلال؟!
صحيح أن السنوات العشر الأخيرة شهدت مشاكل لا حصر لها وأجواء شديد الاضطراب في نادي الهلال.
فمنذ أيام صلاح إدريس لم يشهد النادي استقرارا وهدوءاً بالمعنى.
وقد سرح صلاح ومن معه ومرحوا في الهلال كما أرادوا واشتهوا ليخلفوا ورائهم المشاكل التي ما زال الهلال يدفع ثمنها.
الوضع الحالي الذي فرح وهلل له البعض لم نكن نشتهيه أو نتمنى أن نصل له في الهلال، لكنه من تبعات فترة صلاح إدريس التي انخدع فيه الكثيرون.
وما زال بعضنا يقول أن فترته شهدت استقراراً لا مثيل له، مع أن الرجل اشتغل في الهلال وفقاً لمبدأ ” أنا أو الطوفان”.
وقد تحقق الكثير مما رغب فيه، حيث عانى مجلس التسيير الذي أعقب فترته الأخيرة.
وبعد ذلك جاء مجلس البرير المنتخب وفقاً لنفس مبدأ العضوية المستجلبة، وقبلنا به على مضض باعتبار أن الديمقراطية لن ينصلح حالها إلا بممارستها لا عبر تقويضها.
وقد شهدت فترة البرير أيضاً الكثير جداً من المشاكل والخلافات وبصورة أسوأ مما تابعناه خلال فترة صلاح إدريس.
لكنني لم أر في ذلك غرابة، حيث توقعت أن تسوء الأحوال في الهلال بعد كل ما فعله صلاح.
والآن نسمع بأن صلاحاً والبرير يتنافسان بقوة للعودة لرئاسة النادي.
ومع كل صباح تأتينا الأخبار عن استعداد كل واحد منهما لزيادة عضويته في الهلال، وهذا مؤشر واضح على أن التسجيل للعضوية الحالية لم يختلف كثيراً في أساليبه عما مضى.
فما الذي سيجنيه الهلال بالله عليكم من كل الضجة الحالية والاحتفاء الزائد بالمجلس المعين، طالما أن هذا المجلس سيعيدنا لمربع الصفر بالعودة للمشاكل والتناحر؟!
وما جدوى الهدوء والاستقرار المؤقت؟!
ولماذا لا يحل المجلس المعين المشاكل بعيدة المدى بدلاً من الضحك على الجماهير بتسجيل عدد من المحترفين الأجانب الذين لم نضمن نجاحهم حتى اليوم.
وهل في ذلك أي اختلاف عما تقوم به المجالس التي تنتخبها العضوية المستجلبة؟!
وما الذي يريده صلاح إدريس والبرير من الهلال؟
ألم يهرب الأول تاركاً الهلال في مهب الريح؟!
ألم يحدثنا الثاني أي البرير أكثر من مرة عن عزمهم على مواصلة المسيرة حتى انتهاء فترتهم ورغبتهم في الترشح لدورة جديدة؟!
فما الذي حدث بعد ذلك غير الهروب والقبول بما ظل يؤكد رفضه له كل أسبوع؟!
كلما اشتدت الخلافات وقتذاك وهاج الأهلة اعتاد البرير أن يخرج علينا ليقول أنهم باقون في مناصبهم.
لكنه في نهاية الأمر قبل بالصفقة وهرب مثل سلفه تماماً.
إذاً لا نتوقع منكما يا صلاح والبرير أي جديد ولا نرغب في عودتكما.
وظني أن الأهلة لو أتيحت لهم الفرصة الحقيقية لقول كلمتهم في ترشح الرجلين لرفضوهما.
المشكلة أننا ما زلنا نقف عند محطة العضوية المستجلبة كما أسلفت، ولذلك يبقى احتمال عودة أحدهما قائمة.
وهنا تكمن المأساة.
هي مأساة لأن في عودة أحدهما مؤشر على أننا لا نتعلم من أخطاء الماضي.
ولو كنا نفعل لما تجرأ من يهرب في أوقات الشدة بترشيح نفسه من جديد لرئاسة النادي.
وهي مأساة لأن كليهما لم يحقق نجاحاً ملحوظاً يؤهله للعودة مجدداً.
وهي مأساة لأن تولي أحدهما للمنصب سيعني تفرغ الآخر للهدم والتخريب.
وهي مأساة لأن حواء الهلال تبدو كأنها قد أُصيبت بالعقم ولم يعد في المشهد سوى رجلي مال وثالث يظهر في بعض الأوقات ويختفي في أخرى.
الثالث الذي أعني هو الكاردينال الذي تعود أن ( يشغل ) آلته الإعلامية التي أوهمت الأهلة بأنه هلالي قح وغيور رغم أننا لم نعرف له اهتمامات رياضية أو انتماء للهلال إلا خلال هذه السنوات العجاف وهذا الزمن الأغبر المشاتر في كل شيء.
هي مأساة جد كبيرة، لكن الحل لن يكون في التمديد للمجلس المعين.
والسبب هو أن المجلس الحالي لا يفعل أكثر من تأجيل المشاكل الكبيرة إلى حين إشعار آخر.
ولو أنه دشن عمله بتحركات جادة لإيجاد حلول بعيدة المدى لرفعنا أصواتنا عالية ودعمنا المطالبين بالتمديد له.
أما بالوضع الحالي فلا أعتقد أن المطالبة بالتمديد للمجلس المعين تصب في مصلحة الهلال.
ما أكثر الموضوعات التي تتحول إلى جدل عقيم يضيع فيه الناس الكثير من الوقت دون أن يتم تحقيق أو يتضح للناس من المخطئ ومن المصيب.
يغضب الاعيسر أو يفرح القائمون على قناة الشروق، كله عند العرب صابون.
فالماعون الكبير واحد والمصب واحد ولا ناقة لنا أو جمل كشعب سوداني فيما جري ويجري.
يبدو واضحاً أن القوم مختلفون حول مصالح خاصة لا علاقة لنا بها، ولذلك أرى أن إضاعة الوقت في مثل ما يجري هو ما يريده البعض تماماً.
رغم وضوح الإعيسر وكلامه الصحيح حول الفساد وتغليب المصالح الخاصة على منفعة الوطن، إلا أنني استغرب لإعلامي يقول بعد كل هذه السنوات أنه عاد للبلد من أجل خدمته ليتفاجأ بهذا الفساد والمحسوبية واللهث المستمر وراء المصالح الخاصة.
أيعقل يا اعيسر أن يفوت عليك كل ذلك، بعد كل هذه السنوات الطويلة!
وهل شهدنا في السودان منذ بداية التسعينات شيئاً سوى تغليب مصالح فئة محددة وتدليل بعض الشخصيات ولو على حساب أهم هموم كل أهل السودان؟!
وهل من أمل في أن تُحسم هذه الفوضى بعد الكلام الصعب الذي قاله الإعيسر على الهواء مباشرة وأن يجري مدير عام التلفزيون تحقيقاً جاداً لمعرفة أسباب عدم تمكن قناة النيلين من نقل مباراة كمبالا رغم الاتفاق ودفع المال؟! أشك تماماً في ذلك.
انبرى البعض وسنوا أقلامهم للهجوم على الاعيسر الذي استعدى الكثيرين و لامس أوتاراً حساسة وشخصيات يُمنع الاقتراب منها!
لكن دعكم من الاعيسر، وما قاله ودعكم من الإعلام وفساده المعروف الواضح البين، وقولوا لنا: شنو البعجب في سودان اليوم؟!
وقولوا لنا أين هو الجميل الذي لم يراه الاعيسر حتى نراه نحن بعين مجردة باعتبار الا مصلحة لنا لا مع هؤلاء ولا مع أولئك؟!
ألا يعاني الناس في مأكلهم وملبسهم وعلاجهم وتعليم أبنائهم بسبب الفساد والعشوائية وسوء الإدارة؟!
ألا يموت المرضى في مستشفيات العاصمة بسبب أن وزير الصحة الولائي من أصحاب الحظوة ولا يجد من يقول له ( تلت التلاتة كم) رغم مظاهر فساده الواضحة للعيان وتخبطه ولهثه المستمر وراء تعزيز مصالحه على حساب المصلحة العامة؟!
ألم تسمعوا بأعداد الأطباء المزيفين المتزايدة كل يوم، دون أن يُساءل هذا الوزير أو يُقال؟!
يعني كنا محتاجين لاعيسر يأتي من لندن ليعمل مديراً لقناة النيلين ويتكالب عليه البعض ليخرجونه عن طوره حتى يحدثنا عن ما يعيشه غالبية أهل السودان ويشاهدونه على مدار الساعة؟!
توليك يا اعيسر لمنصب المدير العام للقناة بهذه السرعة لهو أكبر دليل على التخبط والعشوائية السائدة في هذا البلد.
كمال الهدى
النيلين
[/JUSTIFY]