لجنة الأمن الإقليمية.. هل تكبح جماح الفوضى والانفلات الأمني

[JUSTIFY]هنا دارفور بلد الأشياء والحكاوي والقصص المدهشة والتي تحولت من كونها أرض الخير والطيبة في سابق عهدها إلى أرض الأزمات والبلاوي في الوقت الراهن بسبب اندلاع الحرب في الإقليم قبل نحو عشر سنوات مضت ويأتيك هذا الإحساس والشعور الذي ربما يتحول إلى واقع بمجرد أن تلامس قدماك إحدى المدن الرئيسية للإقليم الذي لازال يشهد بعض الاضطرابات هنا وهناك. حتى بعيد توقيع اتفاقية الدوحة قبل نحو ثلاث سنوات لم يشهد الإقليم تحسنا ملحوظا في المسألة الأمنية التي ظلت تؤرق السلطات في ولاياته المختلفة.

الأمر ذاته دفع المشير عمر البشير رئيس الجمهورية أن يصدر مرسوما جمهوريا قبل نحو أكثر من سبعة أشهر تقريبا بإنشاء لجنة الأمن الإقليمية لدارفور برئاسة الدكتور التجاني سيسي رئيس السلطة الإقليمية لدارفور، وتضم اللجنة ولاة ولايات دارفور الخمس الذين ينوبون عن رئاسة اللجنة، إلى جانب مفوض الترتيبات الأمنية عضوا ومقررا للجنة، وعضوية كل من وزير المالية والتخطيط بالسلطة الإقليمية لدارفور والمستشار القانوني بالسلطة وأعضاء لجان أمن ولايات دارفور الخمس، وتكون لجنة الأمن الإقليمية بحسب المرسوم الجمهوري مسؤولة عن حفظ الأمن بالإقليم دون المساس بالاختصاصات الحصرية للجان أمن الولايات بدارفور.

استعراض الموقف

لجنة الأمن الإقليمية تعثرت كثيرا في القيام بمهامها التي أوكلت لها لعدة أسباب، وأرجع بعض المتابعين فشل أعمال لجنة الأمن إلى عدم التزامها بالاجتماعات الدورية، وتشير المتابعات إلى أن اللجنة منذ تشكيلها اجتمعت اجتماعاً واحداً فقط ولم تفلح في لم شملها منذ ذلك الحين.

وبعد عنت ومشقة عقد الاجتماع الثاني للجنة بمدينة (الفاشر) حاضرة ولاية شمال دارفور الأسبوع الماضي بحضور جميع ولاة ولايات دارفور ولجان أمنها باستثناء والي شرق دارفور. وعقب الاجتماع أكد اللواء ركن تاج السر عبدالرحمن مقرر اللجنة الإقليمية ومفوض الترتيبات الأمنية في تصريحات أن الاجتماع تم فيه استعراض الموقف الأمني والإنساني في الإقليم خلال الفترات الماضية خلال عرض لجان أمن الولايات، وأكد أن الوضع الأمني في الإقليم يسير في تحسن، مقرا بوجود بعض الإشكاليات التي أرجعها لعدم التنسيق.

تحديات

انتشار السلاح وتفشي ظاهرة الصراعات القبلية بولايات دارفور كانت قضايا حاضرة بقوة في اجتماع لجنة الأمن الإقليمية، الأمر الذي جعلها تدفع بتكليف لجان أمن الولايات بعقد ورش عمل وتقديم رؤية حول نزع السلاح وجمع جميع الأفكار من كل الولايات بغرض الوصول إلى رؤية متكاملة ومناسبة لهذه المشكلة، وفي السياق أشار تاج السر إلى أن الاجتماع ناقش جميع المشاكل التي تواجهها ولايات دارفور وخرج بتشكيل غرفة تهدف إلى حسم مسألة مشاركة أفراد القوات النظامية في الصراعات القبلية، فضلا عن أنه استعرض بعض النقاط المهمة للمرحلة القادمة إلى جانب مناقشة كل المشاكل والمعوقات التي واجهت اللجنة والتي بدورها أوصت باتخاذ خطوات واضحة في هذا الصدد.

وفي ذات المنحى كشف تاج السر عن بعض التكاليف التي تم إعدادها للمرحلة القادمة وذلك من خلال قرارات تم اتخاذها لإنشاء غرفة بغرض التنسيق مع كل ولايات دارفور في الشؤون الأمنية والإنسانية بالتنسيق مع المركز، وأشار إلى أن الاجتماع خرج ببعض تكاليف للجان أمن الولايات بأن ترفع كل لجنة تصورها ورؤيتها حتى يتم فيها اتخاذ القرارات، مبينا أن الاجتماع القادم سيعقد في مارس المقبل بولاية جنوب دارفور، مؤكدا وصول قوات الإسناد والتدخل السريع إلى ولاية جنوب دارفور وتابع قائلا: “تمت السيطرة عليها تماما”.

ترتيبات أمنية

وفي منحى آخر متصل بمسألة الأمن في ولايات دارفور أعلن تاج السر انطلاق عملية الترتيبات الأمنية لقوات حركتي التحرير والعدالة والعدل والمساواة بداية مارس القادم، مبينا أن الجداول التي تم توقيعها من قبل لم يتم اعتمادها من قبل (يوناميد) الأمر الذي قاد إلى تعطيل عملية الترتيبات الأمنية وذلك لاعتبار أن الطرف الثالث (يوناميد) لم يوقع على تنفيذ الجداول، مؤكدا تشكيل لجنة جديدة بدأت بدورها ترتيب جداول جديدة يتم ترتيبها حتى نهاية الشهر الجاري، وخاصة الترتيبات الأمنية التي ستنطلق في مارس القادم مع قوات حركتي التحرير والعدالة والعدل والمساواة، ولكن العملية بحسب المتابعين ربما لا تشمل حركة العدل والمساواة باعتبار أنها لم تشملها عملية التحقق التي قامت بها بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي (يوناميد) من قبل.

تعثر في المراحل

ويعتبر بند الترتيبات الأمنية الوارد في وثيقة (الدوحة) لسلام دارفور من أهم البنود في الوثيقة لجهة أنه في حال عدم تنفيذه حتما سيؤدي إلى انهيار الاتفاق ويعيد الإقليم بأكمله إلى دائرة الحرب من جديد، الأمر الذي جعل الوثيقة تعول عليه وتقر إنشاء مفوضية لتنفيذ الترتيبات الأمنية في دارفور تتولى تنسيق تنفيذ أحكام الترتيبات الأمنية الواردة في الاتفاق.

وفي ذات المنحى أقرت الاتفاقية إنشاء لجنة لوقف إطلاق النار تتم عملياتها بتسلسل يتمثل في الإعداد لفك الارتباط وإعادة النشر بما في ذلك التحقق ومن ثم تمر العملية بعدة مراحل بينها مرحلة (فك الارتباط وإعادة الانتشار والمراقبة على الأسلحة) غير أن عمل مفوضية الترتيبات الأمنية ولجنة وقف إطلاق النار لازال متعثرا بسبب عدم إيفاء الحكومة بالتزاماتها المنصوص عليها في الاتفاق.

جداول قيد التنفيذ

اتفاقية (الدوحة) أقرت في البند الخاص بالترتيبات الأمنية أن يتم تنفيذ مراحلها وفقا للأطر الزمنية المحددة والتي تبدأ بالمرحلة الأولى الخاصة بفك الارتباط فور استكمال التحضيرات ويتم استكمالها خلال (45) يوماً، وأن تبدأ المرحلة الثانية الخاصة بإعادة الانتشار فور إتمام المرحلة (1) ويتم استكمالها خلال (45) يوماً، وأن تبدأ المرحلة الثالثة الخاصة بالمراقبة المحدودة على الأسلحة فور إتمام المرحلة (2) ويتم استكمالها خلال (30) يوماً، وأن يبدأ دمج المقاتلين السابقين ونزع سلاحهم وتسريحهم وإعادة إدماجهم فور إتمام المرحلة الثالثة.. ولكن بحسب الواقع لم تنفذ تلك المراحل حتى الآن رغم مرور حوالي ثلاثة أعوام على توقيع الاتفاق.

غياب التنسيق المشترك

وفي ذات السياق، حتمت الاتفاقية على الطرفين إنشاء آلية تنسيق مشترك بعد التحقق من قوات الحركات وتتولى الآلية الإشراف على تيسير توزيع الدعم اللوجستي غير العسكري على النحو الذي اتفقت عليه الأطراف وبالتعاون مع لجنة التنسيق اللوجستية المشتركة الأمر الذي لم يكتمل حتى اللحظة بسبب عدم التزام حكومة السودان بتقديم الدعم المالي واللوجستي لبرنامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج، وبالنظر للاتفاقية نجد أنها وضعت مبادئ الدمج وأقرت أن يتم دمج نحو (20- 30%) من قوات الحركات المؤهلة للدمج في القوات المسلحة والشرطة.

بالنسبة لبعض الخبراء فإن الترتيبات الأمنية لديها معايير عالمية في جميع الاتفاقيات ولكن اتفاقية (الدوحة) تختلف عن الاتفاقيات الأخرى باعتبار أنها غير شاملة لجميع الحركات المسلحة والتي لازالت خارج إطار الاتفاق، فيما توقع آخرون أن تصل تكلفة تنفيذ بند الترتيبات الأمنية حوالي (50) مليون دولار… ذات المبلغ ربما تفشل الحكومة في توفيره

عبد الرحمن العاجب: صحيفة اليوم التالي

[/JUSTIFY]
Exit mobile version