كان الحزب الحاكم مصرا على التمسك بالبقاء بأي ثمن حتى ينجز مشروعه الحضاري الإسلامي كما يقول لكن تحولات ما بعد الانفصال وما تبعها من أزمة اقتصادية مستفحلة هبت معها رياح الربيع العربي التي كادت تتكرر معه أيام حركة سبتمبر من العام الماضي الشيء الذي دفعه إلى تغيير الكثير من نهجه بصورة وصلت أعلى قمتها الأسبوع قبل الماضي عندما حطت طائرة وزير الدفاع الفريق الركن عبد الرحيم محمد حسين بمصر 30 يونيو والتقى وزير دفاعها المثير للجدل المشير عبد الفتاح السيسي..
الحلفاء الأوائل
هذا الواقع الجديد الذي عجل بدخول الكبار إلى الملعب قد يزيح أحزاب البرنامج الوطني أو حكومة الوحدة الوطنية الوليد الشرعي لتجربة التوالي التي جاء بها الدكتور الترابي قبيل مفاصلة 1999م في خطوة وصفتها الأحزاب المعارضة الكبيرة بأنها كيدية وتسعى لتشكيل لوحة توضح انفتاح الإنقاذ على القوى السياسية واتساع مجال المشاركة وكان الراحل غازي سيلمان المحامي قد أرسل وقتها وصفا ساخرا عندما قال: (المؤتمر الوطني وأحزاب التوالي مثل الدجاجة مع أبنائها السواسيو) أو كما قال.
ومن سخرية الأقدار أن فكرة الترابي وصنيعه قد شكل وصفة سحرية لورثة الإنقاذ بعد المفاصلة حيث زاد عدد هذه الأحزاب البديلة وزاد نفوذها وصارت لاعبا أساسيا في الساحة السياسية في غياب الكبار وصانع الإنقاذ نفسه!
المصير
وصول الحوار إلى نهاياته وبروز خارطة جديدة تشكل مستقبل الدولة والحكم وتوزيع السلطة وكيفية المشاركة لا شك أن أكبر الخاسرين منه هي أحزاب (التوالي) عملا بمعنى الحديث (إذا حضر الماء بطل التيمم) ومعكوس المثل السوداني الذكي (غاب أب شنب ولعب أب ضنب) الذي حوله دخول الكبار إلى أرض الملعب إلى (حضر أب شنب وغاب أب ضنب) نزولا إلى حقيقة الاشياء وحسابات العقل والمنطق والأرقام.
وتصبح المسافة التي يهرول فيها المؤتمر الوطني إلى ناحية الكبار هي معدل الابتعاد عن حلفائه السابقين رغم أنف التطمينات والعرفان وحسن التقدير للخدمات الكبيرة التي أسدتها هذه الأحزاب البديلة لمنظر وشكل الحكم.. لكن عفوا فقد حضر الماء وهو المبتغى الذي أعيا الباحثين منذ صباح إذاعة البيان الأول في 30يونيو 1989م..
أحمد عمر خوجلي: صحيفة اليوم التالي
[/JUSTIFY]