طلاب العلوم السياسية والعلاقات الدولية اول درس يتلقونه في السياسة الخارجية هو انها امتداد للسياسة الداخلية بمعنى انه لن تستقيم السياسة الخارجية لاية دولة الا اذا استقامت سياستها الداخلية فهي اي الخارجية مجرد امتداد للداخلية، الاشارة هنا لكافة الاوضاع وان وزارة الخارجية ماهي الا وزارة داخلية مناط بها مخاطبة العالم الخارجي وباللغة التي يعرفها ذلك العالم وما كلمة دبلوماسية الا اشارة لما يجب ان يكون عليه التعبير لذلك اختلقت وزارة الخارجية وليس وزارة السياسة الخارجية
ان الذين يطالبون وزارة الخارجية بالتحالف مع هذه القوى الاقليمية والعالمية او تلك او يعيبون عليها التحالف مع هذه الجهة او تلك ظنا منهم ان الخيارات مفروشة امام الخارجية كاصناف الطعام على مائدة ضيف متجاهلين السياسة الداخلية يكونون قد فصلوا فصلا تعسفيا بين السياسة الداخلية والخارجية الامر لم ولن يستقيم فلناخذ مثلا علاقة السودان بالصين ولماذا لم تكن الصين حليفا استراتيجيا للسودان تدرأ عنه (عكاكيز) مجلس الامن وعصى الغرب هنا ينبغي علينا ادراك كنه العلاقة مع الصين وهذا يبدأ بحقيقة مفادها ان سياسة الصين الخارجية تنبع من سياستها الداخلية فالسودان ليس مستثمرا جيدا بالنسبة للصين وقد شكت وبكت من بطء استثماراتها في السودان وكيف انها اصطدمت بالعراقيل التي يضعها البعض خدمة لانفسهم.. نعم الصين بالنسبة للسودان اكبر مستثمر ولكن السودان بالنسبة للصين اقل اهمية مقارنة حتى مع بعض الدول الافريقية فالسودان اذا اراد حلفاً مع الصين عليه تحسين بيئة الاستثمار الداخلية نفس الشئ حدث مع روسيا فقد اقبلت الشركات الروسية على السودان عندما دعيت ولكنها (قامت صوف) لما اكتشفت العراقيل والفساد وبؤس البنيات الاساسية فاذن ياجماعة الخير اذا اراد السودان درقة صينية او روسية في مجلس الامن عليه ان يبدا من الداخل
الذين ينادون بالتطبيع مع اسرائيل على اساس انها الممسكة ب(قرون التور) العالمي وان علاقات السودان مع امريكا والغرب كافة سوف تنطلق بسرعة الصاروخ بعد ان تاخذ الاذن من اسرائيل فهؤلاء يظنون ان اسرائيل فاتحة اذنيها ومنتظرة كلمة من علي كرتي متناسين ان اسرائيل مستثمرة في عدائها للسودان وان اسرائيل ممسكة بما يسمى بالهامش السوداني لتفكك به المركز وقالت ذلك صراحة وبدون مواربة انها اذ تفعل ذلك ليس اعتمادا على الضربات الجوية كما يظن البعض انما بتخطيط ارضي وهذه قصة اخرى .اذا اراد السودان ان يسحب ورقة الهامش من اسرائيل عليه اتباع سياسة داخلية متوازنة مع مكونات المجتمع السوداني عليه ممارسة تمييز ايجابي اقتصادي وثقافي وسياسي لمصلحة المناطق والجماعات الاكثر تخلفا فيه.. انظروا ماذا فعل مهاتير محمد تجاه القوميات المتباينة والاقل نموا في ماليزيا ثم بعد ذلك تكلموا عن التجربة الماليزية.
في منتصف تسعينات القرن الماضي استطاعت القوات السودانية دحر تمرد جون قرنق وحصره في جيوب حدودية فطرحت سياسة خارجية قوامها الاستعانة بالجيران من اجل ابرام اتفاقية سلام مع قرنق ولكنها رفضت من بعض الجهات التي ركبت راسها وظن ان هذه مؤامرة لانقاذ جون قرنق ثم جاءت محاولة اغتيال مبارك فاهتزت علاقة السودان مع جيرانه فتدخلت القوى العالمية في تلك الثغرة وانعكس ذلك على جون قرنق دعما بالمال والرجال كمان فتمدد من جديد وجلس في نيفاشا واضعا كتفه بكتف السودان (اها شفتو السياسة الداخلية بتعمل شنو في الخارجية عشان تعمل شنو في الاوضاع الداخلية التي بدورها تنعكس على الخارجية لكي تكتمل الصورة)
حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]