حرائقنا تكفي ..!!

حرائقنا تكفي ..!!
** ومن موسوعة لطائف جاري العزيز، البروف البوني، نقتبس ما يلي .. ظل أحد أعمامه يحترف مهنة النجارة بمهنية عالية، وكان بين الحين والآخر يصنع – من ذات مواد النجارة – أوراق اللعبة المسماة شعبياً بالـ( ضومنة)، ثم يجمع الأصدقاء والمعارف على مائدة اللعب..وكان يغلبهم جميعاً، ثم يسخر منهم قائلاً (تغلبوا النقطا؟)..وتلك عبارة تعني أن العم لم يكن يحترف اللعبة فحسب، بل كان يتقن صناعة أدواتها أيضاً ..والحكاية – بمغزاها – مهداة للبرلمان الذي يعد الناس بالنظر في أمر زيادة ميزانية الدفاع في موازنة العام القادم، بحيث تكون الدولة قادرة على هزيمة إسرائيل وأمريكا في أية مواجهة أخرى..هذا التفكير مدهش للغاية.. !!
** المهم، نتجاوزه مؤقتاً..عسى ولعل تمدنا دول الغرب بأحدث أسلحتها، لنهزمها بأسلحتها تلك، وكذلك نهزم إسرائيل، وبهذا نكون قد ( غلبنا النقطا).. طرائق تفكير البرلمان تتسق تماماً مع تصريح جهاز تنفيذي يقول متحدياً بالنص الموثق في صحف الإثنين الفائت : ( سندعم حماس، ونواصل دعمها)، ثم ينظر إلى ما حدث لمصنع يرموك ويواصل متحدياً أيضاً : (كانوا ينزلوا لينا تحت في الأرض، لحسمناهم بالسواطير)..تفسير ما بين الأقواس ليس بحاجة إلى كثير تفكير، فالعقل – وكذلك الواقع – يمضي بنا إلى تفسير فحواه : لنهزم إسرائيل – ولنسحق حليفتها أمريكا – يجب اندلاع (معركة ذات السواطير)، وليست ذات الصواريخ والطائرات..وهذا صحيح، ولاينكره إلا مكابر..ولكن للأسف، إسرائيل لن تعيد قوتها العسكرية إلى مستوى جيوش العصر الحجري ذات العتاد الذي لم يتجاوز حد (الرماح والسواطير)، وكذلك أمريكا لن تحطم قوتها العسكرية بحيث يكون حجم عدتها وعتادها في مستوى تسليح (عصابات النيقرز).. !!
** ولذلك، أي لأن جيوشهم لن تتجرد من قوتها بحيث تكون في حجم التحدي المذكور في تلك الأقواس، يجب استبعاد نزولهم – تحت في الأرض – بحيث ينازلونا في (معركة ذات السواطير)..وكذلك على البرلمان أن يعيد طرائق تفكيره، وليس من العقل أن تدخل دولة تموت من الفقر فئرانها في سباق تسلح مع إسرائيل وحليفاتها.. لتسلح دول العالم الثالث نظم وقواعد، وليس من بينها مجاراة الدول (المنقطنها)..لسنا بدولة ضعيفة بمعيار الدول التي تجاورنا شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، ولسنا في حرب مع دولة ذات أطماع استعمارية، فليس هناك داع لافتعال متاعب – لسنا بحاجة إليها – بمثل هذه التصريحات التي تبثها وسائل الإعلام وتترجمها السفارات، وتعتمدها الأنظمة وكذلك (الرأي العام العالمي) ..!!
** فالكل مرهق، وطناً وشعباً وجيشاً، ولايزال هذا الكل يدفع أثمان أطول حروب القارة الإفريقية، وهي الحرب التي لم يحسمها حتى (سلام نيفاشا)، إذ لاتزال لظى آثارها تؤرق الناس والبلد بالنيل الأزرق وجنوب كردفان ودارفور..فالمسؤولية الوطنية تقتضي إطفاء هذه (الحرائق الداخلية)، لكي ينعم الوطن بالسلام والمواطن بالرخاء، بدلاً عن الزج بالبلاد في أتون (حرائق خارجية)، وكأن تلك لاتكفي حرقاً للنسل والزرع والضرع .. فالأنظمة – والناس أيضاً – تستفيد من أزماتها باستيعاب دروسها.. وكثيرة هي دروس قضية يرموك، ولكن مثل هذه الانفعالات تعكس بأن البعض النافذ لم يستوعب درساً من ( دروس يرموك) …!!

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]

Exit mobile version