الفساد لغةً : هو البطلان . فيقال فسد الشي أي بطل وإضمحل .
الفساد اصطلاحاً: تعدد التعريفات لمفهوم الفساد ولكنها جميعاً تصب في معني واحد ، ومنها الفساد هو(إساءة السلطة العامة او الوظيفة العامة للكسب الخاص) كما عرفه معجم أوكسفورد الانجليزي بأنه (أنحراف أو تدمير النزاهة في أداء الوظائف العامة من خلال الرشوة والمحاباة). وهو لفظ شامل لكافة النواحي السلبية في الحياة وهو التلف وأخذ المال ظلماً من دون وجه حق ، ويصبح الفساد بمفهومه العام هو التغير من الحالة المثالية إلي حالة دون الحالة المثالية.
آيات الفساد في القرآن الكريم:
ومن الآيات التي ذكرت في القرآن الكريم، في سورة البقرة ، قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} ، وقال تعالى: {أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ المُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ}، وقال تعالى: {قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}، وقال تعالى: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ }، وقال تعالى : {وَاللَّهُ يَعْلَمُ المُفْسِدَ مِنَ المُصْلِحِ}، وقال تعالى: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى العَالَمِينَ}.
وقال تعالى في سورة آل عمران : {فإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ} .وقال تعالى في سورة المائدة: {وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً}، وقال تعالى: {مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ}، وقال تعالى: { كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ المُفْسِدِينَ}.وقال تعالى في سورة الأعراف : {فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ} {وَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُفْسِدِينَ}، وقال تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِم مُّوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُفْسِدِينَ}، وقال تعالى: { وَقَالَ المَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ}، وقال تعالى: {وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ المُفْسِدِينَ}.
وقال تعالى في سورة يونس:{وَمِنْهُم مَّن يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُم مَّن لاَّ يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ}، وقال تعالى: {فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ المُفْسِدِينَ}، وقال تعالى: {وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ المُفْسِدِينَ} .
وقال تعالى في سورة هود: {وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا المِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ}.وقال تعالى في سورة العنكبوت:{وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا اليَوْمَ الآخِرَ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ}.
وقال تعالى في سورة الروم: {ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}. وقال تعالى في سورة الفجر: {فَأَكْثَرُوا فِيهَا الفَسَادَ} .
وقال تعالى في سورة القصص: { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ … يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ المُفْسِدِينَ}، وقال تعالى: { وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلاَ تَبْغِ الفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ المُفْسِدِينَ}، وقال تعالى: {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُواًّ فِي الأَرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}.
وقال تعالى في سورة الرعد :{وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّار}.
حديث قدسي:
((يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً فلا تَظَّالموا))
احاديث نبوية شريفة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا، وكونوا عباد الله إخوانًا، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى ها هنا ـ ويشير إلى صدره ثلاث مرات ـ، بحسب امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه» (رواه مسلم)
وفي الحديث: «اتقوا الظلم؛ فإن الظلم ظلمات يوم القيامة» (رواه مسلم)
جاء في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا ، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ : ( يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ) ، وَقَالَ : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ) ، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ ، أَشْعَثَ أَغْبَرَ ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ ، يَا رَبِّ ، يَا رَبِّ ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ ” ( أخرجه مسلم في صحيحه).
فهنالك كثير من الآيات القرآنية والحاديثة القدسية والنبوية تحذز من خطورة ظلم الناس ومعروف أن للظلم صور واشكال مختلفة ومتعددة يقع فيها كثير من الناس خصوصاً الحكام الذين بأيديهم مقاليد الحكم والسلطان.
هناك انواع وصور للفساد منها ، الفساد السياسي الذي يتمثل في إساءة إستخدام السلطة العامة في شكل الرشاوي والابتزاز والمحسوبية والاختلاس. ايضاً نجد الفساد علي مستوي الاقتصاد وهو مكمن الفساد من خلال التلاعب في الاموال العامة . فساد الشركات الذي يتمثل في الانحرافات المالية والادارية من خلال مخالفة القواعد والاحكام المالية التي تنظم سير العمل في المؤسسة . كما هنالك فساد في البيانات والمعلومات ، حتي التقاعس عن اداء الواجبات وعرقلة مصالح الناس والمواطنين يعتبر فساداً.
وهذه الصور من الفساد تنعكس مباشرةً علي المجتمع ليصبح مريضاً نحو الفساد الاخلاقي الذي يأتي نتيجةً للابتزاز المالي الذي يتنعم به أباطرة السلطة وعرابي المعاملات المالية الذين يجنبون ويحولون تلك الاموال الي لمصلحتهم الخاصة .
بقلم: حامد علي سليمان