[ALIGN=JUSTIFY]أحد سكان قرية لا تعرف المراحيض ناهيك عن الصرف الصحي الحديث، كان يتجول في الخلاء.. وفي زمن محدد من ذلك اليوم وجد نفسه بحاجة للتخلص مما كان في المعدة.
في تلك العملية الطبيعية تعرض اصبع ذلك الشخص لجزء مما خرج منه… الأمر الذي لم يرضه وفرد ذلك الأصبع وجاء الى القرية والكل لا يعرف ماذا يريد قوله.
تفاجأ الناس وهو يقول لأحدهم.. “اقطع الاصبع دا”.
والناس يترجونه ويسألونه ماذا حدث فيقول هذا الاصبع غير نظيف وغير مفيد ولا يمكن لشخص مثله أن يفتخر به منذ اليوم.. وأخذ يحث زميله على حمل الشاكوش وآلة اخرى لبتر الاشياء.
…وبعد إلحاح من صاحب الطلب، حمل زميله الآلات ووضع الحديد على الاصبع المقصود ورفع الشاكوش.. لكنه أراد اختبار ما يقوله صاحبه عملياً وفي الوقت نفسه لا يريد تنفيذ الطلب بالكامل، فضرب على الحديد بطريقة تحدث ألماً على الإصبع وفي الوقت نفسه لا يبتره..
وعندها جذب صاحبنا اصبعه وهو يصرخ من الألم ووضعه في فمه!!
وصاحبنا هذا الذي ابتلع الشيء الذي جعله يطلب بتر جزء من جسده، أنساه الألم السبب الحقيقي الذي أتى به إلى زميله.. أو قل فهو كان يتحدث بأشياء يريد بها بيان شجاعته وكرامته ورجولته..
والذي (مصّ) إصبعه هذا يشبه كثيرين في حياتنا هذه.. بل قد يكون أفضل حالاً منهم كثيراً وبدرجات سامية.. وليته كان أعلن التراجع عن المعلن.. لكنه تراجع ولم يعلن..
والعمل أقوى أثراً وأكثر بياناً من القول. والذي يملك مالاً في بلادنا عندما تصيبه النزلة يستطيع الذهاب الى الأردن وبريطانيا والولايات المتحدة للعلاج..
أو على الأقل فسكان الخرطوم الذين لا يملكون الأموال الكافية.. يستطيعون الذهاب إلى المستشفيات الخاصة..
وهنا في الخرطوم.. فئات لا تملك ما تذهب به إلى المستشفيات الخاصة، لكنها تستطيع معاودة المستشفيات العامة.. وبعض المناطق في الخرطوم لا توجد بها هذه المستشفيات العامة أو المراكز الصحية..
وهذه المناطق قرر بعض سكانها مغادرتها فعادوا الى مسقط رأس أبائهم واجدادهم.. وليتهم لم يكتشفوا بأن ما اعتبروه سيئاً هو الملجأ لهم.. إنهم يمصون أصابعهم أكثر من مرة في اليوم!! [/ALIGN]
لويل كودو – السوداني-العدد رقم 1111- 2008-12-17