** وعلى سبيل المثال، وكأصغر – وآخر – نموذج، نقرأ ما يلي : (زيارة السفن الإيرانية لميناء بورتسودان نوع من الاستعراض العسكري الإيراني، ولاعلاقة للسودان بهذا الأمر)، ربيع عبد العاطي، بصفة قيادي بالحزب الحاكم، لبعض صحف البارحة..نغيب عقولنا، ونسأل الخبير العسكري ربيع : كيف لسفن أجنبية تستعرض استعراضاً عسكرياً في موانئ بلادك ولا تكون لبلادك علاقة بها وباستعراضها؟، هذا سؤال.. وسؤال آخر، بذات سذاجة السؤال السابق، ألم تجد عقول إيران في طول البحار والخلجان والمحيطات وعرضها مكاناً مناسباً لتستعرض فيه قوتها العسكرية غير (المربط التاسع)، وهو الميناء المدني المعد لاستقبال بضائع الناس بميناء بوتسودان؟..ثم، لقد وصف الجيش زيارة تلك السفن ودخولها إلى مياه السودان الإقليمية بأنها طبيعية وذات أيام معدودة ومقدرة بالأربعة وتنتهي البارحة و ستغادر الميناء كما غادرت من قبلها السفن المصرية والباكستانية وغيرها، وهكذا قال وزير الخارجية أيضاً، بل إيران ذاتها – على لسان بحريتها – وصفت جولة سفنها بأنها تحمل رسالة سلام وأمن للدول المجاورة، فمن أين استقى هذا الربيع معلومة أن زيارة تلك السفن غير طبيعية، ولكنها استعراض لقوة إيران العسكرية ..؟؟
** فلندع كل تلك الوقائع، ونسأل الخبير العسكري ربيع : هب أن الأمر استعراض لقوة سفن إيرانية، أو كما حللت و(هللت)، بل هب أن إيران جاءت إلى بورتسودان بكل عدتها وعتادها، فهل من الفطنة والكياسة والسياسة الجهر بها ثم التباهي بمظان (خلاص كده خوفت إسرائيل)..؟..للأسف ليس ربيع وحده، بل هكذا طرائق تفكير بعضهم، وما ربيع إلا أحدهم أو أفصحهم جهراً بما يفكرون.. وهم لا يعلمون أن البلاد لن تجني – محلياً وإقليمياً وعالمياً – من مثل هذا التفكير – والفصاحة – غير المزيد من المتاعب..فالسودان، منذ الاستقلال، لم يكن طرفاً في أي صراع إقليمي، ولم يخض جيشه وشعبه وموارده (حروبات الوكالة)، بل كان يلعب دور الوسيط الذي يصلح ذات البين بين أنظمة دول المنطقة حين تختلف..هكذا كان في الماضي، وهذا ما يتمناه شعبه في الحاضر والمستقبل، ولكن كيف لأمنية كهذه أن تتحق في ظل طرائق تفكير مداها لا يتجاوز (أيوة ح نتحالف مع هذه وتلك وذاك)، وكأن عدو هذا التحالف هو إسرائيل فقط، وليس كل من حولها وحول بلادنا؟.. وإن عجزنا عن تحقيق السلام بكل ربوع السودان، فلتكن تلك الربوع سوحاً لمعاركنا، وليس لمعارك الآخرين..ولن تكون كذلك، ما لم يحسنوا – ربيع وآخرون – التفكير في (مغبة طرائق تفكيرهم الحالية)..!!
إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]