وخير دليل على ذلك طريقتنا الفريدة للاحتفال بالاعياد، حيث ينحصر معنى العيد لدى (الكثير) من الرجال على السعي بـ جري الوحوش في سبيل الاجتهاد لاكمال صورة العيد في عيون العيال – وإن تعذر – فـ لابأس من اللجوء لحكمة (نديّن عشان نتبيّن)، وما ذلك إلا لتحقيق الحد المعقول من مظاهر العيد قدّام عين الناس، كـ حق الكسوة وحق الحلويات والخبيز، والذي يحتاج معها الرجال – في عيد الضحية لـ (قومة نفس) اضافية لتوفير حق الخروف .. ثم الانقشاط صباح العيد داخل الجلاليب الجديدة وامتطاء ما تأصّل من جلد (أصلة) أو تنمّر من جلد النمور من المراكيب، قبل الانطلاق للصلاة ومن ثم بداية (اللف) على بيوت الاهل والاصحاب، المصحوب بـ (السف) من عروض الحلويات والخبائز، مع الحرص الشديد على تركيب (وش الفرحان) ولو بتثبيت البسمة على الوجوه بـ شريط (سلوتيب)، وتسميع التهاني والأماني المكرورة بالكثير من الحماس للتأكيد على شعورهم بفرحة العيد حتى ينقضي أول أيامه على خير.
أما تعاطي النساء مع فهم الاحتفاء بالعيد فـ (يحنن الطير في سماهو) .. حيث تتجلى (معاناة) النساء وربات البيوت من فرحة العيد، في شيل الهم الـ (بتطيّر النوم من العيون)، والمتمثلة في انزال الستائر وغسل الابواب والشبابيك والحيطان والاجتهاد في (كرش الكدوب) الذي تحظى به البيوت من الحول لـ الحول، كي تلمع في صباح العيد كلمعان الاسنان بالابتسامة في دعاية معجون الاسنان الشهير، بالاضافة لشيلهن الهم من (مجابدة) أبو العيال، للطلوع من ذمته بـ حق الملايات والمفارش الجديدة وبعض المزهريات، وتزداد تلك الهموم (حبّة) في عيد الضحية أيضا، بـ شيل الهم من ومقابلة النيران، وان خففت من وطأته المتعة الموعودة بضرب (الشيّات والنيّات) وشرب (الشربوت) بـ إهمال قد يعاقب عليه القانون !
في (صباي) كنت وأخواتي كحال كل البنات، نسهر ليلة الوقفة حتى الصباح في اعادة تشكيل البيت بصورة براقة تناسب العيد، ثم نسرع للاستحمام والقشرة بعد خروج الرجال للصلاة، استعدادا لملاقاة وفود المهنئين بالعيد بوجوه قد اضناها السهر والتعب ورغم ذلك نحرص على لصق ابتسامة الفرح بالعيد بـ (سلوتيب) العادة، وما أن تحل (كرسة) الضحى وتخف كراع الداخلين والمارقين، حتى ننقشط للنوم تحت الاسرّة وليس فوقها حرصا على الملايات (ما تتكرفس).
لا أحب أن أظلم نفسي بتشبية احساسي بالعيد بدبرسة المتنبيء وقناعته من خيرا قد يأتي به العيد .. دي تبقى مبالغة ساي، ولكن دائما ما يحمل لي العيد الشعور بالقلق والتوتر لحرصي على اكمام الاستعداد له بكل الشكليات كغيري من النساء .. وان زاد من هم العيد الشعور بعدم الثقة في مقدرتي على (الفرح) بالعيد كما يجب أن تكون الفرحة، مع شيء من اللهلهة وعدم الاستقرار الناتج من تغير روتين الحياة اليومية، وأيضا لخوفي من الفشل في تمرير ارث الاحتفاء والفرح بالعيد لابنائي كما ورثته من أهلي الكبار، بعد اضافة مهارة تحسس المعاني للاستمتاع بفرحة العيد كما يجب أن تكون.
على كل حال بما إنو الليلة الوقفة وبكرة العيد، حقو نغتنم الفرصة عشان نبدأ في المحاولة لتعلم أنفسنا متعة الشعور بالعيد جد جد، وذلك من خلال تحسس معاني صعوبة التضحية بفلذة الكبد ثم فرج الفداء بـ (وفديناه بكبش عظيم)، قبل الانبهال في أكل الشيّات النيّات والخوض لـ (الركب) في حلل الشربوت ..
غايتو .. عشان ما نملاكم نقة كدي خلوني النقول ليكم:
ما تنسونا من صالح الدعاء في هذا اليوم المفترج .. وكل سنة وانتوا طيبين.
لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com