هنادي محمد عبد المجيد

زواج بوحي من السماء ( زينب بنت جحش )

[JUSTIFY]بسم الله الرحمن الرحيم
هي أم المؤمنين زينب بنت جحش بن رئاب ، أُمّها أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم عمّة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وُلدت بمكة قبل البعثة بسبع عشرة سنة ، وكانت من المهاجرات الأُول ..
وكان زيد بن حارثة غُلاماً للسيدة خديجة رضي الله عنها ، فلمّا تزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهبته له ، وعلم أهله بمكانه بمكة فجاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يريدون دفع فدية واسترداده ، فخيّره رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين أهله فأختار النبي صلى الله عليه وسلم ، فتبناه الرسول ، وأصبح اسمه زيد بن محمد ، ولمّا جاء الإسلام مُنِع التبنّي في قول الله تعالى : [ أُدْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ ] فعاد من جديد زيد بن حارثة .
ومن شدّة حُب الرسول لزيد ، لمّا بلغ زيد سن الزواج ، اختار له النبي الكريم بنت عمته أميمة ، السيدة زينب ، وكرهت زينب هذا الزواج ، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها : { بل فانكحيه فإني قد رضيته لك } ، ونزل قول الله تعالى : [ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللّه وَرَسُولَهُ أَمْراً أَنْ يَكونَ لَهُمْ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ] فأرسلت زينب إلى الرسول وقالت :”إني أستغفر الله وأطيع الله ورسوله ، إفعل يا رسول الله ما رأيت ” ، لتعلمنا كيف تكون طاعة الله ورسوله والقبول لحكمهما ، وإن خالف هذا ما تهواه النفس ، فزوّجها الرسول زيداً ليُعلمها كتاب الله وسنة رسوله ، وعاشت عنده ما يقرب من سنة أو يزيد ، ثم حدث خلاف بينهما ، فذهب زيد إلى رسول الله يشكو زوجته ، ويستأذنه في تطليقها ، فنصحه أن يصبر ، وقال له : { أمسك عليك زوجك واتق الله } رواه البخاري ، ولكنه لم يستطع أن يستكمل معها حياته فطلّقها .
عندما انقضت عِدّة زينب رضي الله عنها ؛ أنزل الله تعالى سيدنا جبريل بوحي من السماء يزوّج رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش ، فأرسل رسول الله إلى زينب يخطبها ، لم تشأ السيدة زينب أن تقبل الخطبة حتى تستخير ربّها ولو كان الزواج من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم وجدت رسول الله واقفاً أمامها يخبرها بأن الزواج تم بوحي من السماء ، وتزوّج الرسول صلى الله عليه وسلم من زينب بنت جحش بعد سنة ثلاث من الهجرة ،، ذبح النبي شاة ، وأمر أنس بن مالك أن يدعوَ الناس إلى الوليمة ، فتوافدوا أفواجاً أفواجاً ، يأكل كل فوج ويخرج ، ثم يدخل فوج آخر حتى أكلوا كلهم في شاة واحدة فقط !
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزور زينب ، ويمكث معها ويشرب العسل عندها ، فغارت بعض نسائه ، وأردن أن يصرفنه عن ذلك ، فاتفقت السيدة عائشة والسيدة حفصة عندما يدخل على أي منهما بعد خروجه من عند زينب ، فلتقل : إني أجد منك ريح مغافير ، أكلت مغافير ؟ – والمغافير طعام طيّب الطعم له رائحة غير طيبة – فدخل على احداهما ، فقالت ذلك له ، فقال : { بل شربتُ عسلاً عند زينب بنت جحش ، ولن أعود له } فنزل قول الله تعالى : [ يَأَيّهَا الّنِبْي لِمَ تُحَرّمُ مَا أَحَلّ اللّهُ لَكَ ] التحريم .
على الرغم من هذه المواقف بين أمهات المؤمنين ، إلا أن ذلك لم يمنعهن من أن تعرف كل منهن مكانة الأخرى ، وأن تشهد لها بالحق ، ويظهر ذلك عندما استشار رسول الله السيدة زينب في حادث الإفك ، فأثنت على السيدة عائشة خيراً ففي الحديث قالت السيدة عائشة : ” وكان رسول الله سأل زينب بنت جحش عن أمري ما علمت أو ما رأت فقالت : يا رسول الله إحمي سمعي وبصري، والله ما علمتُ إلّا خيراً ، قالت عائشة : وهي التي كانت تساميني تعاليني وتفاخرني ، من أزواج رسول الله فعصمها الله بالورع ” .
سُمّيت السيدة زينب بأم المؤمنين ومفزع اليتامى وملجأ الأرامل ، وقد اكتسبت تلك المكانة بكثرة سخائها وعظيم جودها ، وكانت أول من لحق برسول الله بعد وفاته ، وكانت تجيد الصناعة بيدها ، فكانت تدبغ وتخرز وتتصدق به في سبيل الله تعالى .
وبعد وفاة النبي كان عطاؤها من بيت المال إثني عشر ألفاً ، لم تأخذه إلا عاماً واحداً ، فجعلت تقول : ” اللهم لا يدركني هذا المال من قابل فإنه فتنة ” ثم قسمته في أهل رحمها ، فعلم سيدنا عمر بأمرها فأرسل بألف درهم تستبقيها لحاجاتها فتصدقت بها هي الأخرى ، وقد بلغ حبّها للعطاء أنها قالت حين حضرتها الوفاة :” إني قد أعددت كفني ، فإن بعث لي عمر بكفن فتصدقوا بأحدهما” .
توفيت السيدة زينب أم المؤمنين ، سنة عشرين من الهجرة ، وهي بنت ثلاث وخمسين ، فكان حقاً أول زوجاته صلى الله عليه وسلم لحوقاً به ، وصّي عليها عمر بن الخطاب أمير المؤمنين ، ودُفنت في البقيع .
قالت السيدة عائشة :” رحم الله زينب ، لقد نالت في الدنيا الشرف الذي لا يبلغه شرف ، إن الله زوّجها ، ونطق به القرآن ، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأُمهات المؤمنين :{ وأسرعكن بي لحوقاً أطولكن باعاً } فبشّرها بسرعة لحوقها به ، وهي زوجته في الجنة ” .

هنادي محمد عبد المجيد
[email]hanadikhaliel@gmail.com[/email][/JUSTIFY]