الحركات المسلحة عابرة الحدود !

[JUSTIFY]بدأت الحركات الدارفورية المسلحة التي اتسع نطاق أنشطتها خارج إقليم دارفور فى الآونة الأخيرة وبدأ يمتد الى مناطق فى دولة جنوب السودان ومناطق أخرى قريبة من أفريقيا الوسطى؛ بدأت هذه الحركات المسلحة تثير قلق المجتمع الإقليمي والدولي على السواء باعتبارها لم تعد مجرد حركات احتجاجية تقاتل من اجل أهداف سياسية معينة ولكنها تحولت الى قوات محترفة فى مجال الحروب المحلية ذات الطابع الأهلي الداخلي والتي تعصف باستمرار بأمن واستقرار دول المنطقة.

وإذا كان الاتحاد الإفريقي يسعى منذ العام 2002 لترسيخ الاستقرار فى القارة الإفريقية بشتى السبل الممكنة وصولاً الى مجتمع إفريقي متسلح بالوعي وقواعد الديمقراطية وحقوق الإنسان، فإن أولى مهددات هذه المسيرة التى ما تزال فى بداياتها هي هذه الحركات المسلحة التى تتمدد لتصبح الآن ظاهرة افريقية قريبة الشبه بظاهرة المتشردين وفاقدي السند المعروفة فى المجتمعات الحضرية.

ولعل الأكثر إثارة للقلق أن هذه الحركات المسلحة ما عادت تعبأ بالحدود وتعتبر المسارح الإفريقية الممتدة أمامها هي الساحة التى لن تألو جهداً فى العمل فيها بنشاط وهمة عاليتين.

وقد بدا واضحاً الآن عقب اندلاع الصراع الجنوبي الجنوبي أن حركات دارفور -حركة جبريل إبراهيم ومناوي مثلاً- لم تكن مهتمة بطبيعة الأرض التى يجري فيها الصراع ولا الإنسان الذي يقيم فيها فعملت على تجيير الصراع فى جانب منه لصالحها الشخصي بسرقتها لملايين الجنيهات الجنوبية واستيلائها على معدات وذخائر بل إن الأدهى وأمرّ أنها دخلت ساحة الحرب دون أن تعبأ أو تضع اعتباراً الى أنها غير معنية بمجريات الصراع وإنها ليست جزء منه.

هذا الشعور فى حد ذاته يؤشر الى خطر ماثل، فنحن حيال حركات مسلحة بلا حدود، لا يعنيها من الأمر سوى حصولها على ما يقيم أودها ويمنحها النشاط لكي تبقي على قيد الحياة وقادرة على استخدام السلام. وما من شك أن هذا فى حد ذاته بمثابة انحراف واضح من حركة محتجة، تلتزم بالقواعد المعروفة فى مثل هذه الأنشطة الاحتجاجية عبر السلاح الى حركة قابلة لفعل أي شيء وبأي ثمن وفى أي أرض.

ويترتب على ذلك، أولاً: نشوء شريط مطول من حملة السلاح الذين لا حدود لهم ولا قواعد تحكمهم ولا رابط يربط بينهم ومن ثم يتهدد الأمن القومي لكل دول القارة فهي وأينما اشتمت رائحة البارود والدماء سارعت بالذهاب الى هناك.

ثانياً: ستتحول الظاهرة بمرور الوقت الى ما يشبه العصابات المسلحة عابرة الدول ويصبح لها كيان خاص شبيه بما يُعرف حالياً فى بعض الدول بظاهرة (النيقرز) .لأن يأس هذه الحركات من إمكانية تحقيق ما كانت تحلم به حين حملت السلاح -مع أن ذلك غير واضح بما يكفي- يدفعها حتماً الى إبتداع مسلك جديد يجعل منها أداة مثيرة للقلق ومهددة للإستقرار.

ثالثاً: شعورها بأنها بعيدة ولو نسبياً من أن تطالها يد العدالة دولياً أو محلياً فى ظل تواجدها فى مناطق وعرة أو بعيدة بدرجة ما، يزيد من رغبتها المتأججة فى اختراق الحدود، ودخول كافة مسارح المعارك لحسابها الشخصي.

وهكذا فإن المجتمع الإفريقي يبدو أنه بات على موعد مع عصابات مسلحة عابرة للدولة تعيث بطريقها الخاصة باستقرار دول المنطقة وتتغذى على فتات موائد الحرب ولا تتورع عن فعل أي شيء فى سبيل البقاء.

سودان سفاري
ع.ش

[/JUSTIFY]
Exit mobile version