دة … ولكي نفهم لماذا نحن أنا وزوجتي وأبنائي أسرة سعيدة عليكم أن تعرفوا هذه الحقيقة .. أنا مدمن وزوجتي مدمنة وأولادي مدمنين كذلك … ماذا ؟ إلى أين ذهب خيالكم والعياذ بالله ؟ ما أقصد قوله هو إنني مجنون بكرة القدم وزوجتي مهووسة بالمسلسلات وأولادي صرعى ألعاب البلايستيشن … في الأيام الأولى لزواجي عرفت زوجتي بهذا الأمر بالطريقة الصعبة … كنت جالسا بحماس أتابع مبارة برشلونة وريال مدريد حين وقفت هي أمامي وصاحت :
– كورة .. كورة كل يوم ماعندك حاجة تاني غيرها ؟
وفي اللحظة التالية وجدت نفسها خارج الباب وحقيبة ملابسها فوق رأسها وكلمة ( طلقانة ) فوق الحقيبة بينما عدت أنا لأتابع الكلاسيكو …. وحين أرجعها أبوها مرة أخرى بعد حل الإشكال عادت إليه بعد أسبوع لأنها صاحت في وجهي :
– أنا خلاص تعبت منك .. يلعن أبو برشلونة للجاب برشلونة زاتها
قلت لها :
– يلعن أبوك إنتي .. طلقانة .. كلو إلا برشلونة
ومنذ ذلك الحين أدركت زوجتي العزيزة الحقيقة المرة .. أنها تقف على حافة الهاوية وإن الطلقة الثالثة توجد على طرف لساني ، لذلك إتخذت سياسة جديدة في التعامل … أدمنت بدورها المسلسلات فأشتريت لها تلفزيون خاص بها ومن يومها عشت بسعادة … أعود من عملي لأجد الغداء جاهزا وهي في الغرفة تشاهد وأدخل أنا للمشاهدة بينما تخرج هي لتتغدى … أيام وشهور صرنا من النادر أن نرى بعضنا … الدوري الإسباني يلتهم معظم وقتي ، وبقية الوقت أتابع إعادة مباريات الدورة الإيطالي أظل ساهرا حتى الفجر متابعا دوريات أمريكا الجنوبية ( أنتم تعرفون أن توقيتهم مشاتر ) … أنجبت زوجتي إبننا الأول و الثاني ونحن على هذا المنوال … نادرا ما نتناقش … وحين تنتهي الدوريات الأوربية يكون دوري أبطال أفريقيا لايزال ساخنا دعلك من بطولات الأمم الأفريقية واليورو وكوبا أمريكا وكأس العالم وكأس الخليج والرياضة التي إكتشفتها حديثا التي يسمونها ( المصارعة الحرة ) … وحين تنتهي هذه الدائرة وأرغب في قضاء بعض الوقت مع عائلتي أجد زوجتي في قمة الإندماج مع المسلسل التركي وحين ينتهي هذا يبدأ المسلسل الكوري المدبلج وبعده الهندي دعك من المسلسل المصري الثابت الذي لايتغير ، حتى إنها صممت جدولا لمتابعة كل هذه المسلسلات مع تعليقات صغيرة أسفل كل حلقة مثل ( الحلقة ميتين لميس حتسيب فلان ) و ( الحلقة أربعمائة وعشرة الجزء التاني مراد علم دار يضرب ألخ )… وتمر الأيام وتتمدد لسنوات … كرة قدم… مسلسل .. مصارعة والتفاهم بيننا قائم على المذكرات المكتوبة على ورقة صغيرة من طراز :
– الليلة أنا حأطلع ماشة لناس امي لو جيت ولقيتني ماف ما تقلق وحأسوق معاى حنان
وحين تعود وتجدني غارق في المبارة وهناك مذكرة معلقة في الثلاجة تقول :
– تمام .. تحياتي لأمك وأبوك .. حنان منو ؟
فتذكرني إن حنان هي إبنتنا .. وهكذا دواليك … أمس وأنا أهم بلصق مذكرة جديدة رأيت صبي مراهق يخرج من أحدى الغرف ويتجه للثلاجة .. بدأ لي شكله مألوفا ثم تذكرت إنه إبني هتفت مناديا :
– مصطفى .. يا مصطفى
– أنا سامي يا أبوي
ولكي لا ينسى بعضنا بعضا قررت أن أخرج مع أسرتي لمنتزه عام لأول مرة في حياتنا لمزيد من الترابط .. إرتدت أمهم أفضل مالديها من ثياب رأتها في المسلسل وأرتديت أنا فانلة تشافي هيرنانديز وأرتدى الأولاد فانلات جون سينا و فيفتي سنت … كانت جلسة عائلية لطيفة تذكرت فيها إنني نسيت إسم زوجتي وإن مصطفى إبني سيدخل الجامعة العام المقبل وإن والدا زوجتي توفيا في حادث وأخيها إلتحق بحركات التمرد ألخ ألخ وظللنا نضحك طيلة اليوم من الذكريات الجميلة … ومر بنا رجل وزوجته ومعه إبنهما وسمعت الزوجة تطنطن قائلة :
– شايف الناس عايشة كيف ؟ فيها شنو لو نبقى زيهم يعني … يارب نبقى زيهم
الكاتب الساخر : د.حامد موسى بشير