بيت الزوجية الخالي من المشاحنات والملاسنات كالغول والعنقاء والخل الوفي والوحدة العربية، أو هو كذلك لان الطرفين لا يأبهان ببعضهما البعض، يعني الزوج في واد والمدام في واد آخر، ولا يسأل أي منهما عن الآخر، ولكن وبصفة عامة يتهم الرجال النساء بإثارة المشاكل، لولعهن بالنقنقة والشكوى واهتمامهن بالتفاصيل، فهناك الزوجة التي تعتبر عدم صدور أي ملاحظة من الزوج عن أناقتها وهندامها ضربا من التجاهل، وقد حاول صديق حديث عهد بالزواج ان يكون زوجا عصريا فقال لزوجته ذات يوم وهما يتأهبان للخروج: يا سلام على ذوقك الرفيع..هذا الفستان الجديد في منتهى الروعة! فما كان من الزوجة الا ان أضربت عن الخروج وجلست وبوزها ممدود كبوز زكية زكريا والعياذ بالله.. وبعد ان بلغت الحيرة بصديقي كل مبلغ أدرك انه «عكّ»، لأنه هو من اشترى لها ذلك الفستان ضمن كسوة العرس، قبل سنين عددا، وحسبت زوجته ان «يتريق» عليها أي يستخف بها وبذوقها.
ولكن الرجل مظلوم عندما تتهمه الزوجة بمداومة الصمت وعدم إبداء أي رغبة في مبادلتها الحديث، فبصفة عامة فإن الرجال لا يميلون إلى الخوض في أمور معينة، وبعكس المرأة التي تتمتع بذاكرة سعة تريليون «قيقا» بايت، فإن ذاكرة الرجل محدودة السعة، وللمرأة قوة ملاحظة عجيبة: ما ان تدخل بيتا كزائرة حتى تمسح محتوياته بعينيها في ثوان، وقد تكون لديها رغبة في إبداء ملاحظات على ذلك البيت وسكانه، فتحدث زوجها عن الموكيت الأصفر، بينما الستائر زرقاء وطقم الجلوس احمر «على كبدي»!! والزوج لا يبدي ولا يعيد! فتعتبر ذلك تجاهلا، وذات مرة قالت لي زوجتي: احضر معك مفارش طاولات من نفس لون المفارش التي رأيناها في بيت أختك فقلت لها: انا لا اعرف ما هو لون أختي نفسها، وانت تتوقعين مني ان اعرف لون مفارشها؟ وهكذا اشتعلت حرب أهلية لم تتوقف الا بقيامي بشراء ساعة روليكس لها (هي لا تعرف أنها مصنوعة في فيتنام!).
والاختلاف بين الزوجين في مثل تلك الأمور هين ولكن الخلافات بشأن الإنفاق والنفقات، هي التي تؤدي إلى حروب أهلية قد تستخدم فيها الأطباق الطائرة! والمرأة هي المتهمة دائما بالإسراف، ذلك لأن الرجل لا يرى في استبدال السيارة التي اشتراها العام الماضي، بأخرى قيمتها 25 الف دولار مثلا، تبذيرا، بينما يتهم زوجته بأنها مبذرة ومتلافة لأنها أنفقت لدى الكوافير 25 دولارا، ولكن الحقيقة التي لا جدال فيها هي ان النساء مولعات بالتسوق، فتتجول الواحدة منهن في الأسواق لثلاث ساعات لشراء دبوس شعر، ذلك لأنهن لا يلتزمن قط بخطة تسوق محددة، فمن تريد ان تشتري حذاء تقضي ثلثي وقتها وهي تستعرض العطور والساعات وأكواب الشاي، والأسعار في بورصة نيويورك.
ومن مسببات الحروب الأهلية الزوجية ان الزوج – مثلا – يعطي نفسه حق انتقاد أمه، ولكن يا ويل الزوجة إذا ذكرت تلك الأم التي هي حماتها بسوء، وحتى لو قالت لزوجها كلاما من نوع: أمك تتعاطى الأدوية الطبية بطريقة عشوائية، اعتبر الزوج ذلك طعنا في القوى العقلية لأمه، وفي نفس الوقت فان الأزواج يعتبرون لحم حمواتهم مباحا فيشتمونهن أمام الزوجات غير عابئين بحقيقة أنهن أمهاتهن، كما وان الرجال يعتقدون انه طالما انهم يعيلون زوجاته فلا معنى لتقديم الهدايا لهن من حين إلى آخر، والهدية الحقيقية هي أن تعطي شخصا ما شيئا ما بدون أن يطلبه، أو يشتهيه من دون أن يتوقع الحصول عليه، ولهذا السبب سألت المدرسة الطفل: إذا كسب أبوك مليون دولار وأعطى أمك نصف المبلغ فعلى كم تحصل أمك؟ أجاب الطفل: تحصل على نوبة قلبية.
[/JUSTIFY]
جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]