يوم عالمي و.. العلاج مجاناً.. !!

يوم عالمي و.. العلاج مجاناً.. !!
** أبٌ يجلس مع ابنه الشاب في القطار، ويصدر عن الابن الكثير من علامات الفرح والفضول..ينظر من نافذة القطار، ويصرخ : (أبي انظر جميع الأشجار تسير عكس اتجاه القطار)، فيبتسم الأب ..ورجل يجلس بجوارهما ويستمع إليهما بدهشة، إذ كيف لشاب يتصرف هكذا.. ثم يصرخ الشاب : (أبي، انظر إلى البركة وما فيها من طيور وحيوانات، ألوانها رائعة، انظر)، فيبتسم الأب ويزداد ذاك الرجل تعجباً..فتهطل الأمطار ويخرج الشاب يده ثم يعيدها صائحاً : (أبي انظر، إنها قطرات الماء، صدقاً لالون لها)، فيبتسم الأب ويتعجب ذاك الرجل..وفي لحظة ما، لم يحتمل الرجل الاكتفاء بالصمت والتعجب، فنصح الأب قائلاً : (لماذا لا تذهب بابنك إلى مستشفى للأمراض العقلية؟)، فيرد الأب : (إننا قادمون من مستشفى العيون، حيث أصبح ابني بصيراً – لأول مرة في حياته – اليوم)، فبهت الرجل وتعلم : ليس من العدل أن تستخلص النتائج قبل معرفة الحقائق..فأي شيء نراه طبيعيا ولو كان جلمود صخر، يبدو – لمن لم يكن يراه من قبل – زاهياً..هكذا نعمة البصر، فلنشكر الله كثيراً ..!!
** وهذا اليوم – 11 أكتوبر- من كل عام، هو اليوم العالمي للبصر..وللأسف، لا يجد اليوم العالمي للبصر حظ الاحتفاء في بلادنا، لا رسمياً ولا إعلامياً، إذ نحن أمة مغرمة بالاحتفاء بذكرى أيام الانقلابات العسكرية، وليس بذكرى يوم كهذا حيث تفتح فيه مشافي الدنيا والعالمين أبوابها للمرضى، ليتداووا مجاناً من أمراض العيون..المهم، لعلم القارئ وصديقه وجاره، وكذلك لعلم أبواق الساسة المسماة بالتلفاز والإذاعة : اعتباراً من اليوم ولمدة أسبوع، تستقبل مشافي العيون في كل ولايات السودان المرضى، بحيث يكون كشف وفحص النظرمجاناً وكذلك عمليات المياه البيضاء، وتستمر مجانية هذه العمليات حتى نهاية ديسمبر المقبل، أي لثلاثة أشهر من يومنا هذا..فليخبر بعضكم بعضا بدرب هذه المجانية أيها الأكارم، عسى ولعل تنقذ متعففاً من العمى، أو غيره من رهق فواتير القطاع الخاص ..!!
** بفضل الله ثم بجهد البرنامج القومي لمكافحة العمى، تدنت نسبة العمى في بلادنا.. كانت (1.5%) في العام (2002)، فأصبحت حالياً (0.7 %)..أي تناقص عدد المكفوفين من (600 الف) في العام (2002)، إلى (224 الف)، في العام 2012..ولأن داء الكتراكت – المياه البيضاء – يتسبب في (50%) من حالات العمى، اجتهد البرنامج القومي لمكافحة العمى وأجرى مايزيد عن (85.000 عملية)، في العام (2011).. وتلك الأرقام – بشهادة منظمة الصحة العالمية – هي أكبر زيادة في نسبة عمليات المياه البيضاء في منطقة الشرق الأوسط، فالشكر لله ثم لهذا البرنامج ولمركز كارتر..علماً بأن داء الجالوكوما – المياه السوداء – التي تسبب (20%) من حالات العمى في بلادنا، هو التحدي الذي يجب أن تلفت انتباه الدولة ومنظمات المجتمع المدني، وذلك لإرتفاع أسعار أدويته، وعلى السلطات دعم أدوية هذا الداء بحيث لاترهق فواتيرها المرضى..!!
** وفي مثل هذا اليوم، قبل عام، كتبت محذراً بأن تقارير الصحة العالمية تشير بأن مناطق أبوحمد والقلابات والردوم وخور قابوس تعد بمثابة بؤر وبائية لعمى الأنهار..بفضل الله ثم بدعم مركز كارتر، نجح البرنامج في مكافحة عمى الأنهار من الانتشار في أبو حمد، وتلقى إشادة منظمة الصحة وشهادتها العالمية ، ويتواصل العمل حاليا في منطقة القلابات، والكل يتوقع النجاح أيضاً..علماً بأن مركز كارتر يعالج (200.000 مواطن)، سنويا، من هذا الوباء، بتلك المناطق..ولا يزال التحدي الأكبر، أو فلنقل الثغرة الكبرى : توزيع خدمات العيون بالولايات- مشافي وكوادر – غير عادل.. فالخرطوم لا تزال تحتكر المشافي والأقسام، وكذلك الكوادر الاختصاصية لا تزال مكدسة بالخرطوم، وتأمل مايلي بحيث يتجلى الظلم في أقبح صوره : بالخرطوم : اخصائي لكل (50.000 مريض)، وبالولايات : اخصائي لكل (500.000 مريض)..الولايات بحاجة إلى مشافي وأقسام وكوادر يا مجلس الوزراء ويا برلمان، وتلك الأرقام (معيبة جداً)..على كل حال، لا خير فينا إن لم نقلها : شكراً للبرنامج القومي لمكافحة العمى ولمركز كارتر ولكل من أفاد مريضاً بمجانية علاج هذا الأسبوع وعمليات الثلاثة أشهر، وحمانا الله وإياكم من فقدان البصر و.. (البصيرة) ..!!

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]

Exit mobile version