هنادي محمد عبد المجيد

انسانيات مصطفى محمود (مثقفة )

[JUSTIFY]بسم الله الرحمن الرحيم
كان حلمي دائماً أن أتزوج من مُثقّفة جامعية ، تفهمني وأفهمها ، وتشاركني كفاحي ، وتقف إلى جواري في معركة الحياة ، وقد تحقق هذا الحلم ، للأسف !
ووجدت إلى جواري امرأة من نوع غريب ، امرأة قضت أربع سنوات في كلية الآداب لتتعلم فنّاً واحداً ، وهو فن الإنتصار على الرجل !
إنها تتكلم في لباقة ، وتلبس شيك ، وتلعب القولف ، وتعزف على البيانو ، وتقرأ الكتب ، ولا يعجبها شيء في الدنيا ،، إذا سألتها أين تذهب ومتى تعود مطّت شفتيها وعاتبتني لأني لا أثق بها ، إذا منحتها ثقتي عاتبتني لأني لا أغار عليها كما يجب ، فإذا اشتعلت حُبّاً وغيرة قالت لي : لنكن أصدقاء ، إن خير الزواج ما قام على الصداقة ، فإذا اعطيتها الصداقة أشعرتني بأهمية الجنس ، فإذا وجهت همّي إلي الجنس ، قالت لي : أوه ، إنت همجي .
كنا في الصعيد ، وظلت تشكو حتى انتقلنا إلي القاهرة ، وهي الآن تشكو ، لأنها تريد السفر إلى امريكا ،، إنها تعسة دائماً ، طموحة لدرجة المرض ، تطلب كل شيء لمجرد أنها تحمل ” دبلوم ” قسم انجليزي من كلية الآداب ، وتعمل نصف يوم كما يعمل الرجل ،، ومع هذا فهي أول كل شهر تتحول فجأة إلى بنت بيت وتنتظر الإنفاق عليها .. بيتنا فوضى ، به طبّاخ وخادمة ، بالإضافة إلى أمي التي تعمل كخادمة ودادة للأطفال ، وأمي الآن عجوز بلغت السن التي يجب فيها أن تستريح ،، ومع هذا أجد أحياناً مناظر أتألم لها من قلبي ، أجد أمي وعلى حجرها طفلان ، والمدام ممددة على الفراش بعد عودتها من الشغل ، وفي يدها جريدة فرنسية ، لقد بدأت أعتقد أن زوجتي شقية مُعذبة ،، إنها لا تعرف ماذا تفعل بنفسها أو بثقافتها أو بي ، وهي أيضاً لا تعرف معنى الثقافة ، ولكن ما ذنبي أنا ؟ وما الحل ؟
***
إنّ ذنبك هو ذنب ملايين الرجال والنساء ، وذنب الجيل التعس الذي يتغيّر بسرعة ويتلقى الهزة العنيفة التي تتلقاها عربات الترام حينما تندفع القاطرة فجأة بدون تدرج إلى الأمام .. المرأة العصرية أمام وهج الثقافة والحرية الفُجائية ، أصبحت مهزوزة ، موزعة الرغبات لا تعرف ماذا تريد ، ولهذا تندفع في عدة طرق في وقت واحد .
إنها تريد السفر والتجول حول العالم ، وتريد الحب ، وتريد الجنس ، وتريد المغامرة ، مجرّد المغامرة ، وتكفر بالقديم لمجرد أنه قديم ، وتهلل للجديد لمجرد أنه جديد وتطلب ألف شيء ولا تُقدّم في مُقابله شيئاً واحداً .
إن إحساسها بحقوقها أكثر من إحساسها بواجباتها ، إحساسها بحريتها أكثر من إحساسها بمسئوليتها ، لأنها تمر بتجربة جديدة ، إنها تخرج لأول مرة من القفص ، فلا تفكر في شيء إلا في التصفيق بجناحها والطيران في الجهات الأربع ، والحل هو الصدام ، ليس هناك مفر من الصدام بينكما ، عامل زوجتك المثقفة على أنها غير مثقفة ، وعلّمها بالشدة والحزم أنّ معنى الثقافة هو ” المسئولية ” .. معنى الثقافة هو المسئولية .
[/JUSTIFY] هنادي محمد عبد المجيد
[email]hanadikhaliel@gmail.com[/email]
[/JUSTIFY