إنما كان الاهتمام به لأنه حفيد غوردون باشا ذلك القائد الذي ولد لأب عسكري يدعى هنري وليام غوردون، وكان حكمدار السودان المكلف من قبل الخديوي لإخلاء السودان من الجنود والمدنيين بعد حصار قوات الإمام محمد أحمد المهدي للخرطوم في 1884 إبان الحكم التركي. حيث فشل في أداء المهمة ولقي حتفه بعد سقوط الخرطوم في يد قوات المهدي.
اتصالات متعددة أجرتها السوداني مع السفارة البريطانية في الخرطوم قبل وصول الرجل وبعد وصوله لمعرفة برنامجه والتنسيق لإجراء حوار معه باعتباره حدثًا تاريخياً وللخوض أيضاً بصورة أعمق في تفاصيل القرابة التي تجمعه مع غوردون.. وكانت المفاجأة الأولى أن السفارة لا علم لها ببرنامج زيارته أو تفاصيل لقاءاته.
اختار منظمو البرنامج أن يلتقي الطبيب كريستوفر بحفيد الإمام المهدي “الصادق المهدي”، وكان كريستوفر الذي يحمل الجنسية الأمريكية يكثر من عبارة “لا أعرف عن السياسة كثيراً” ورغم ذلك استمع لحديث الإمام الذي دعا خلال اللقاء لقراءة عقلانية وموضوعية للتاريخ السوداني، مشيراً إلى أن كثيرًا مما يُكتب عن تاريخ السودان مزيف، وقال خلال تصريحات صحفية أنهم ينتهزون فرصة الزيارة لقراءة التاريخ وتوضيح أن ما حدث لغوردون في الخرطوم تاريخ به روايات خاطئة الأمر الذي يتطلب إعادة التاريخ باستنارة.
لقاء لم يزل الشكوك
لقاء المهدي مع حفيد غوردون أزال بعض الشكوك التي كانت تشير إلى أن غوردون ليس له حفيد ولم يتزوج، فمن غير المعقول أن تفوت مثل هذه المعلومة على السيد الإمام، الذي يحفظ التاريخ عن ظهر قلب، ومع ذلك كون أن غوردون لم يتزوج هذا لا يعني أنه لم ينجب، لذا بدت رحلة أخرى من البحث.
أكد أستاذة تاريخ أن غوردون لم يتزوج، وليس له ابن أو ابنة، إنما كانت لديه شقيقة اسمها إليزابيث يراسلها دائماً وهو في الخرطوم أو الأماكن الأخرى، ورغم تضارب الروايات حول عدد شقيقاته إلى أن إليزابيث كانت أشهرهم لأنها ذكرت في كتب التاريخ، حيث كانت آخر رسالة أرسلها تشارلز جورج غوردون إليها حدثت قبل وفاته.
السفير البريطاني: هناك غموض!!
وأثناء البحث مع المؤرخين أجرت السوداني حواراً مع السفير البريطاني بالخرطوم د. بيتر تيبر، الذي فجر مفاجأة داوية حول الموضوع حيث أكد أن كل ما أثير حول الزيارة التى قام بها مؤخرا الطبيب كريستوفر غوردون للسودان باعتباره حفيد غوردون ليست صحيحة، وقال بيتر إنه سمع بأن كريستوفر التقى بعدد من الشخصيات في السودان إلا أنه لم يكن لغوردون باشا حفيد مضيفا أن الأمر المعروف يشير بأن الجنرال غوردون ليس له أبناء.
السوداني حينما استفسرته عن الأسباب التي جعلت الرجل يدعي بأنه حفيد غوردون قال السفير بعد أن ظهرت عليه ابتسامة عريضة “هنالك بعض الأشياء الغامضة في الحياة”!!
غوردون:
إن كانت هناك بعض الأشياء الغامضة في الحياة كما قال بيتر تيبيت، فبلا شك ستكون قصة غوردون باشا إحداها..
فقد عرف أنه رجل متزمت في مسيحيته ومتعصب لرأيه ولا يلتزم بالتعليمات التي تقال له، يحب التمرد وأشارت الكتب بأنه لم يكن مستقرا. وتقول أستاذة علم التاريخ البروفيسور ميمونة ميرغني حمزة لـ(السوداني) أن الأيام الأخيرة لغوردون في الخرطوم كانت هي الأصعب، فبعد أن تأزم الوضع بالنسبة للاحتلال البريطاني، ابتعث غوردون صحفياً إلى بريطانيا بمكتوب يوضح لهم الوضع الدائر بكل تفاصيله، لكن بعد أن تمت مهاجمة الباخرة التي تُقل الصحفي واستيلاء الثوار على الرسائل التي كان يحملها للحكومة البريطانية عاني نفسياً بعض الشيء، وكانت جملته الأخيرة التي قالها قبل مقتله “أين محمد أحمد المهدي؟”
ثلاث فترات متقطعة أقام فيها غوردون في الخرطوم، كانت حياته الخاصة غير متاحة لكن كانت هناك ثوابت معروفة أنه لم يتزوج أو ينجب.
تقرير : بكري خليفة: صحيفة السوداني
[/JUSTIFY]