في مؤشر يدل على قوة العلاقات الاقتصادية بين برلين والخرطوم ينشط عدد من الشركات الألمانية في تنفيذ مشاريع اقتصادية عملاقة في السودان خاصة في مشاريع البنى التحتية مثل مد خطوط السكك الحديدية وإنشاء محطات توليد الطاقة.
بعد اكتشاف البترول في السودان، الذي عانى طويلاً من الحروب الأهلية، ظهرت حاجة ملحة إلى إنهاء فترة طويلة من الركود الاقتصادي. وجاءت اتفاقية السلام عام 2005 لتضفي على السودان مناخاً جذاباً للاستثمار العالمي، ممهدة بذلك الطريق لوضع اللبنات الأولى لبرنامج طويل في حقبة «اقتصاد ما بعد الحرب».
وعلى الرغم من الأسس التي وضعها صندوق النقد الدولي لدفع حركة التنمية في البلاد، والتي تقوم في المقام الأول على خصخصة القطاع العام وتوجيه السوق التجاري ليتواءم مع احتياجات الأسواق الدولية، إلا أن التقدم في هذه المجالات في أكبر دولة مساحة في إفريقيا ما يزال يسير في خطوات متعثرة.
وتواجه الشركات الألمانية منافسة صينية في السودان وكانت الأولوية في حركة التنمية الاقتصادية تتركز على تطوير البنية التحتية وخاصة مشروعات مد خطوط السكك الحديدية وتوليد الطاقة. وفي هذا السياق كان للشركات الألمانية حضور واضح، إذ استطاعت الشركة الألمانية «دورنير» الحصول على امتياز الإشراف العام على مشروع مد خطوط السكك الحديدية بين الخرطوم وميناء بورتسودان على البحر الأحمر. وعلى الرغم من أن الشركة الألمانية هذه لا تنفرد في تنفيذ المشروع وحدها، حيث تشاركها فيه شركات صينية، إلا أن الوجود الألماني يعني الكثير بالنسبة للسودان، كما أكد المدير العام للخطوط الحديدية السودانية.
وفي تصريحات لاحدى القنوات التلفزيونية الألمانية قال: «لا شك أن الشركات الألمانية مشهورة بمستواها المتميز في مجالي الإنشاءات والتكنولوجيا، ووجود الشركات الصينية المشهورة بانخفاض التكاليف يحقق التوازن في هذا المشروع». ولا تزال شركة «دورنير» في مرحلة الإعداد للمشروع الضخم الذي يدخل مرحلة التنفيذ العملي في أوائل العام القادم. وتتعدى أهمية هذا المشروع بالنسبة للشركة الألمانية كونه مجرد مشروع يدر ربحاً على الشركة، حيث يمثل أيضاً بالنسبة للشركة انطلاقة جديدة في أفريقيا والشرق الأوسط. وفي هذا السياق صرح مدير الشركة، هيربيرت جرونفالت، لدويتشه فيله قائلا: «تحظى الشركات الألمانية بسمعة جيدة في المنطقة العربية والأفريقية، الأمر الذي ساعد على حصولنا على امتيازات تنفيذ المشروع. وقد أتينا هنا لمد الخطوط الجديدة، ولنثبت أيضاً أن ارتفاع التكاليف مقترن بكفاءة الأداء ودقة التنفيذ».
كما تسعى شركة ألمانية لتوليد الطاقة من المياه من شأنها أن تحل مشاكل هذا البلد من الطاقة ومن المشروعات الأخرى المهمة التي بدأت في السودان مشروعات توليد الطاقة، إذ يعد مشروع «سد مروي» من أهم المشاريع في هذا المجال. ولإدراكها أهمية هذا السد، سعت الشركة الألمانية «لامبيار انترناشيونال»، المنفذ الرئيسي للمشروع، منذ البداية إلى وضع خطوات دقيقة في إعداده وتنفيذه. وستجني الشركة ثمار هذا المشروع في أكتوبر المقبل، عندما يبدأ عمل أول مولدين للطاقة في المحطة لتوليد كمية من الطاقة تصل إلى نحو 125 مليون وات. ثم يتلو تلك المرحلة مرحلة تشغيل المولدات الثمانية الباقية، والتي سيتم تشغيلها في عام 2009، لتصل قدرة المحطة في بداية عام 2010 إلى توليد 1250 مليون وات من الكهرباء.
ويصف المدير العام لشركة «لامبيار انترناشونال» المشروع بقوله: «يحظى هذا المشروع بقدر كبير من التقدير والاحترام من طرف المسؤولين السودانيين، خاصة في ظل الظروف السياسية الصعبة التي نفذ خلالها، الأمر الذي يترك انطباعاً إيجابياً لديهم عن ألمانيا». وتعد مشاركة الشركات الألمانية في مشاريع عملاقة لها تأثير كبير على الاقتصاد السوداني مؤشراً على وصول العلاقات بين البلدين إلى مرحلة جديدة.
صحيفة الصحافة