لم يحرك الخطاب ساكن لدي بعض المتابعين والمحللين، ولكن بعض الذين تفاءلوا توقعوا عودة الوحدة مع الجنوب وعودة حلايب لحضن الوطن، وآخرون خاب رهانهم في تنازل الرئيس طوعاً عن الحكم وتسليم نفسه للمحكمة الجنائية، ومن ثم ترك الخيار للسودانيين في إختيار من يحكمهم، وتصويب مسيرة الوطن بما يرسى سفينة على بر الأمان والاستقرار، إلا أن فجيعتهم في الخطاب باعدت بينهم وبين ما ينشدونه ، حتي صار ذلك الأمل حلماً بعيد المنال في ظل سيناريو جديد يدخل القوي السياسية في صراع مع ذاتها.
وأعتقد هذا السيناريو أحد التحديات الكبرى التى تواجه بلادنا الحزينة فى مقبل الأيام هو كيف يمكن إزالة آثار الاستقطاب للقوي السياسية من قبل المؤتمر الوطني، وكيفية تطهير أجواء الوطن من دعوة التسمم هذه، التي تحاول تشويش المفاهيم وتفسد المبادئ والضمائر، لأنها ظاهرها حق وباطنها باطل، الحق فيها الدعوة للحوار وقبول الآخـــر أيً كان حتي الحركات المسحلة، وباطنها باطل في مدي تجاوب وقبول المؤتمر الوطني فيما يطرحــه الآخرون من حلول لمشكلات البلاد وأدناها هو تنحي الرئيس وتكوين حكومــة كفاءات وطنية إنتقالية.
ربما يفقد بعض العقلاء رشدهم وتوازنهم، وتقتنع القوي السياسية جميعها أو بعض منها بجدوي مبادرة الرئيس وتكون جزء من المؤتمر الوطني ومن ثم البحث عن حلول للقضايا الوطنية الملحة بمنظور النظام المعدل، وهنا أيضا يصل المواطن البسيط إلي قناعــة بعدما ما كان متشكك أنه لا توجد فى بلادنا معارضة وطنية. وان الناقدين أو المعارضين للأوضاع القائمة أصبحوا يصنفون مع النظام وجزء من منظومة المؤتمر الوطني. ولإزالة هذا اللبس على كل القوي السياسية أن تبدئ رايها بوضوح دون تحفظ حتي يعلم الشعب مع أي معارضة يعارض أو مع أي نظام يحارب
ولا أعرف كيف يمكن ان نتوصل إلى وفاق سياسي يوقف الحرب الأهلية الدائرة في دارفور وجبال النوبة، دون إبادة هذه الأفكار المسمومة أولاً ؟ كيف نفكر فى كيفية استعادة الإستقرار وإرساء السلام، وتحقق التنمية المتوازنة لكل ربوع الوطن. دون أن يتلخص النظام الحاكم والقوي السياسية من الضحك على عقول الناس واللعب بمشاعرهم ومصيرهم ،إننا نريد قررات حاسمة ومبادرات صادقة، تنفذ على الفور حتي لا تكون “المماطلة” وحدها التي تحكم على بعضها بالفناء وعلى البعض الآخر بالاستمرار والبقاء في الحكم.
السر جميل _ النيلين [/JUSTIFY]