ومن حق السودانيين أن يروا صورتهم في السياسة العامة للبلاد دونما إقصاء أو عزل لأحد بسبب رأي أو معتقد هذه المهمة هي بيت القصيد وهي ما ينتظر الشعب بألوان طيفه المختلفة أن يسمعها من الرئيس البشير، ويكفي مثالاً على التسامي الوطني ما قاله السيد الإمام الصادق المهدي خلال الأيام الماضية، فقد تحدث عن التغيير الذي طرأ على الحكومة وقابلية الحزب الحاكم على الحوار وتقديم تنازلات حقيقية لمصلحة القضية الوطنية، ولذلك فإن كل ما طرحه الرئيس في خطابه تبقى الثقة فيه وبه مستمدة من ثقة المجتمع والأحزاب في رئيس الجمهورية باعتباره الضامن لكل ما قال، والمتابع لأداء الآليات التي ستتولى تنزيل موجهات الخطاب من خطط وبرامج لخدمة المشروع السوداني الكلي. وأعتقد أن الخطاب أعطانا درساً في الاعتراف بالإخفاقات وكيفية صناعة المبادرة للخروج من نفق التوهان واستعادة المجد، ووضع الجميع في اختبار الوطنية وتعضيد القيم من أجل السودان.
فالكرة الآن في ملعب القوى السياسية ونحن نأمل ألا تهدر الفرص في صراعات لا تغني ولا تسمن ولا تغير من الواقع الحالي شيئاً، فتجربة الخمسة وعشرين عاماً الماضية تؤكد أن القوى السياسية فشلت في قراءة الخريطة السياسية للبلاد واتجاهاتها والتعامل معها بما يضع البلاد في مسارها السليم، إنما كانت تنتظر وتحلم بإسقاط النظام وهي شريك أساسي فيما حل بالبلاد من أزمة اقتصادية أو أمنية انطلاقاً من تغذيتها السالبة للشارع والاحتقان السياسي الذي أصرت أن تدخل البلاد فيه، كما أن مشروع المؤتمر الوطني اصطدم بتعقيدات الواقع فأصابت جداره تصدعات وشقوق عميقة كادت تشل المشهد برمته مما دعا لإعادة الترميم التي قطعاً ستحتاج لجراحة بتخدير دقيق، وهو ما دفع البشير أن يطرح إصلاحات بسقف حوافز كبيرة أملاً أن يحرك التروس ويدفع بالعجلة للأمام، والأهم من ذلك أن يتعامل المؤتمر الوطني مع الإصلاحات مثله ومثل بقية الأحزاب، وألا يتغول عليها ويتبناها لأن في ذلك إضعافاً لها وسيؤدي لانفضاض الراغبين في المشاركة فيها لتطويرها وتحويلها لبرنامج عملي للتخلي عنها، ومن ثمة انهيار الفرصة بأكملها لأن القوى السياسية ستقبل المبادرة وتقبل عليها لكونها جاءت من رئيس الجمهورية وليس المؤتمر الوطني لتحفظاتها المعلومة تجاهه.
صحيفة الإنتباهة
ع.ش