سلام دانك لحظات فارقة.. قصاصات رياضية في المسألة الإصلاحيّة

[JUSTIFY]كل متابع مهووس بكرة السلّة، يتوق للحظة لا تعدلها لحظة.. بشغف عالٍ يتابع جمهور اللعبة دوماً ارتقاء لاعب مهاري، يلهب الحماس بنجاعة زائدة، ويحلّق معه الكلّ بانتظار تسديدة ساحقة.. ولحظة ضربه للكرة بقوّة داخل السلة وهو يتجاوز في ارتقائه حلقة السلة ليهبط بكرته عليها من أعلى.. المهارة تلك يصعب إتقانها على من هم دون الاحتراف، لكونها تتطلب مركبا من التوقيت والتوازن والقوّة العضلية وسرعة الحركة في آن واحد.. لعلّ شيئاً ما يماثل واقع اللحظة السياسية في سوداننا اليوم.. نسيت التذكير بأن الحركة يسمّيها جمهور رياضة السلة بالـ(سلام دانك).. والأجدر بالتذكير أيضاً أنّها تشوبها فاصلة زمنية قد تمتد ما بين الكسر من الثانية إلى الثانية، تحتبس فيها الأنفاس في الملاعب من قبل الجميع، ويبدو خلالها للنظارة والمشاهدين وكأنما اللاعب حامل الكرة نفسه قد توقف أثناء تحليقه خلال هذه المدة، قبل أن يهوي بثقه على (الحلقة).
حسناً؛ في راهن اللحظة السودانية ثمّة ترقّب مشوب بالاحتمالات المفتوحة يسود كل الأبواب المطلّة على الشارع السوداني.. ستكون جموع الشعب في انتظار الثامنة من مساء اليوم الاثنين؛ الموعد المضروب للخطاب التاريخي الذي سيلقيه رئيس الجمهورية المشير عمر البشير.. شيء من التفاؤل يسري في أوساط الكثيرين، لربما حمل الخطاب بعض ما يبدل واقع الحال على الأرض لمستويات أفضل، لينعم المواطنون بحلول وآفاق جديدة تهزم كل المشكلات المعيشية والسياسية وكافة أزمات البلاد..
الكثيرون سيتحلقون حول الشاشات اليوم، في انتظار نهاية التصويب، وأنفاسهم محبوسة بانتظار (سلام دانك) سياسي. الكلمة بالطبع دخلت لاحقاً معاجم وقواميس اللغة الإنجليزية في لهجها الأمريكي، فبدت كإشارة لمعنى (الشيء المؤكّد).. في راهن لحظتنا المؤكد أنّ شيئاً ما سيحدث.
* الإصلاح قبل المعشوقة
عندما تذكر البرازيل تقفز لذهنك كرة القدم التي تعد الرياضة الأولى ببلاد السامبا، وسحر الجلد المنفوخ ونجوم المستديرة عبر التاريخ؛ من بيليه، وأميرالدو، وزيكو، وسقراط، وروماريو، ورونالدو، وليس انتهاء بنيمــار.. وعندما تذكر البرازيل يذكر حب وشغف شعبها لكرة القدم.. منتخبها يعتبر الأفضل في العالم ويحمل لقب بطل العالم خمس مرات وتأهل راقصو السامبا لجميع نهائيات كأس العالم، ولكن وقبل استضافة كأس العالم الصيف المقبل، ترك ذلك الشعب حبه ومعشوقته الأولى وخرج في مظاهرات تندد بالفساد والتبذير بينما شعب يعاني من أزمات وفقر وتخلف في كافة المجالات.. لم يذهب البرازيليّون إلى الملاعب لمشاهدة معشوقتهم الأولى لأنّهم حينما رأوا الفساد ينتشر اتسعت الفجوة بين عامة الشعب وبين زعماء بلادهم.. خرجوا في مظاهرات ينددون ويطالبون بحقوقهم المسلوبة.. أنباء الأمس تقول بتظاهر الآلاف في شوارع ساو باولو كبرى مدن البرازيل احتجاجًا على تكاليف استضافة البلاد لبطولة كأس العالم لكرة القدم في الصيف المقبل، واعتقلت الشرطة أكثر من 120 شخصًا بعد قيام المتظاهرين بأعمال تخريبية كإحراق السيارات ومهاجمة المخازن وفروع البنوك.
* الأستاذ أرفع من “نيمار”
البرازيل شهدت خلال احتجاجات الأمس سقوط أول قتيل لها اثر حادث مروري خلال الاشتباكات العارمة. المتظاهرون رفعوا لافتات كتب عليها “لا مونديال بلا حقوق” و”البرازيل استيقظي.. قيمة الأستاذ أرفع من نيمار لاعب كرة القدم”، في إشارة الى أجور لاعبي كرة القدم التي تفوق بكثير رواتب المدرسين، ما اضطر الشرطة لإطلاق الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي.. المحتجون في (100) مدينة يطالبون بتحسين الخدمات العامة ورحيل الحكومة باعتبار أن هناك فسادا كبيرا إذ أنفقت الحكومة ملايين الدولارات في تجهيزات استضافة المونديال رغم أن الشعب يعاني الفقر ويجد صعوبة كبيرة في سبيل توفير احتياجاته اليومية.
رغم شغف وولع الشعب البرازيلي الكبير بكرة القدم إلا أنه ضحى بمعشوقته من اجل العيش الكريم، فالمتظاهرون صعدوا لهجتهم وأضرموا النيران في الكثير من المرافق الحكو

عثمان الاسباط: صحيفة اليوم التالي

[/JUSTIFY]
Exit mobile version