(الموضوع زواج الإيثار: (و يؤثرون على أنفسهم و لو كان بهم خصاصة) سورة الحشر.
إشارة إلى الموضوع أعلاه نرجو منكم مشكورين ومأجورين، الإفتاء في هذا النوع من الزواج:
1. يتم عقد الزواج بكل شروطه، من ولي، مهر، إشهاد، إشهار، قبول إيجاب، سكن ونفقة، وتتنازل المرأة عن حقها في السكن طوعاً وبإذنها- في السكن أو النفقة أو المبيت، أوكل حقوقها، ويؤثر الزوج بها إما لظروفها (وقد تكون قد تقدمت بها السن نوعاً ما، أو مراعاة لظروف زوجها) وما أكثر الظروف التي تقابل المطلقات ومن مات عنها زوجها وتربي الأبناء في مسكنها حتى تسد الباب أما ما يسمى بالزواج العرفي وغيره وجزاكم الله خيراً).
وأداء للواجب الذي يتحمله مجمع الفقه الإسلامي شرعاً وقانوناً، كانت الإجابة، وهي على الوجه التالي:
الموضوع: الاستفتاء المقدم حول زواج الإيثار
(نشير إلى الاستفتاء منكم بخصوص الموضوع أعلاه فنفيدكم بأن هذا الموضوع قد عرض على الدائرة المختصة بالمجمع، وأجابت فيه بالآتي:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد:
فالزواج إذا توافرت فيه شروطه وتكاملت أركانه من وجود (الولي) و (الصداق) و (الشهود) و (حصول رضا الزوجين): مع خلوهما من الموانع، من سبب، أو نسب، أو اختلاف دين، بأن يكون الزوج كافراً والمرأة مسلمة، أو الزوج مسلماً والمرأة غير مسلمة ولا كتابية، فيجب على الزوج النفقة، وتوفير السكن اللائق، والعدل في المبيت في حال تعدد الزوجات.
ويحق للزوجة أن تتنازل عن حقوقها المستقرة شرعاً، كلياً أو جزئياً، لعموم قوله تعالى: (وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً فلا جناح عليهما أن يصالحا بينهما صلحاً والصلح خير) وبدلالة ما جاء في الصحيحين أن سودة بنيت زمعة رضي الله عنها زوج الرسول (ص) كما كبرنت وهبت ليلتها لعاشة رضي الله عنها على أن تبقى في عصمته، وأقرها النبي (ص) على ذلك، وبما أخرج بن أبي شيبة عن عامر الشعبي أنه سئل عن الرجل يكون له أمرا فيتزوج المرأة فيشترط لهذه يوماً، ولهذا يومين قال لا بأـس به.
ثم إن المرأة غالباً وكما هو ظاهر من السؤال لا تسقط حقاً لها إلا لظروف تعلم حقيقتها، يدعوها إلى ذلك التنازل، وإلا فإن كل عاقلة رشيدة، تدرك أن تناولها عن بعض حقوقها الشرعية من غير مبرر تفريط محض. على أن هذا النوع من الزواج فيه مصالح معتبرة من حفظ الأعراض، والإحصان، وقطع أسباب الفساد، خاصة من بعض النساء المؤسرات اللائي لا تتيسر لهن أسباب الزواج، وهن كثيرات كما يعلم من الواقع المشاهد.
وعليه فإن هذا الزواج بالوصف السابق- صحيح إن شاء الله)
ثانياً:
مجمع الفقه الإسلامي، مؤسسة علمية بحثية، وهو محكم بقانون يحدد مهامه ما هو مكلف به من بيان الحكم الشرعي في الوقائع المتجددة من خلال اجتهاد يوائم بين مقتضيات الأصل والعصر ويتكون مجلسه من العلماء ذوي التخصصات الدقيقة والمستويات العلمية العالية في مجالات العلوم والمعارف المختلفة، المتمثلة في الفقه وأصوله وعلوم القرآن والسنة، وعلوم الاقتصاد، والعلوم التربوية وعلوم الاجتماع وعلوم الطب بتخصصاته المختلفة والعلوم القانونية والعلوم الزراعية والبيطرية والفيزياء والفك وغير ذلك.
ومن خلال هذا التنوع المعرفي تتكون دوائره العلمية السبع، ولكل منها تخصصها وميدان بحثها، ويمضي هذا التنوع المعرفي في تكوين كل دائرة منها، ويكون الثقل المعرفي في كل دائرة من أهل التخصص تؤازرهم مجموعة من أهل الفقه وأصوله لبيان الحكم الشرعي في أي من المسائل التي يطلب بيان حكم الشرع فيها، سواء أكان الطلب من فرد أو هيئة أو مؤسسة.
والفتاوي التي تصدر عن أي من دوائر المجمع تسلم للمستفتي في يده، ولايسعى المجمع إلى نشرها بوسائط الإعلام، إلا إذا دعت إلى ذلك ضرورة. وفي حالة تلك الفتوة الأخيرة التي أثارت هذه الضوضاء فإن المجمع لم ينشرها وإنما نشرها المستفتي خدمة لأهداف المنظمة التي يرعاها وهي إحدى منظمات المجتمع المدني.
ثالثاً:
وقد كان غريباً أن تتصدى إحدى الصحف اليومية لقيادة حملة التندر بالفتوي الشرعية والإساءة للجهة التي تصدرها، بأسلوب ينطوي على قدر كبير من السخرية وعدم اللياقة وبتصعيد شمل معظم الأعمدة الراتبة بالصحيفة وبذات الوتيرة لمدة تقارب الأسبوعين، ثم انتقل الأمر إلى غيرها من الصحف.
ولعله كان ينبغي لكل عاقل يريد معرفة الحقائق أن يتصل بالمجمع لاستجلاء الحقائق ويقف على التوثيق الشرعي لهذا الموضوع، غير أن الذي حدث هو استعداء لبعض أشخاص لا علم لهم:
– مثل ذلك الذي يتهم أعضاء مجمع الفقه الإسلامي بأنهم (يتلاعبون بالدين).
– والآخر الذي ذكر أن هذه الفتاوى الهدف منها التراخي عن القيود الشرعية.
– والثالث: الذي وصف أعضاء المجمع بالتخلف، وأن لا مصلحة في مثل هذه الفتاوي.
– والرابع: الذي يصف أعضاء المجمع بأنهم علماء سلطان.
– والخامس: الذي يقول إن هذه الفتوى مدخل ناعم لتحليل الزنا ويقول:( لماذا يتجاهل مجمع الفقه الإسلامي ما يجري في غزة ويجتمع من أجل إصدار فتاوي لقضيا لتحليل الزنا).
إلى غير ذلك من التعليقات غير المنضبطة وغير اللائقة بكل المقاييس ف يحق مجمع يضم كوكبة من خيرة علماء بلادنا.
ونقول له: إن من رجال مجمع الفقه الإسلامي من تحرك إلى غزة لخدمة إخوانهم هناك، ووصلوا إلى العريش ومكثوا فيه أياما، وملا لم يسمح لهم بالدخول، فأين أنت وماذا كان دورك؟
رابعاً:
الأصل أن المسائل والقضايا، والمستجدات، التي تعرض للناس في حياته ويطلبون معرفة حكم الشرع فيها، يكون الفيصل فيها للدليل، والحجة، والبرهان، علي نحو منهجي علمي عرفه من عرفه وجهله من جهله، أما أخذ الأمر بأسلوب الإثارة وخلط المفاهيم، والتشويش، فتربأ مؤسسة مثل مجمع الفقه الإسلامي أن تخوض فيه، ولكن من حق مواطنينا علينا أن نوضح لهم ما يأتي:-
1. أتجه التركيز (الصحفي) علي أن الفتوى فيها غمط المرأة حقها، لأجل ذلك كان استقطاب بعض الجهات المعنية بالمرأة لدخول حلبة الاستهداف للمجمع.
2. لا شك أن أهل العلم يعرفون أن اشتراط أي شروط تنافي المقاصد الأساسية للعقد، يبطل العقد أو الشرط، كما لو اشترطا عند العقد في حال الزواج علي ألاّ ينجبا، أو ألا يعطيها مهراً أو يشترطا كتمان الزواج وعدم إعلانه، لأن كل هذه الأمور تنافي مقصداً أصلياً، أما الحقوق الناشئة عن العقد كالنفقة والسكن ونحو ذلك فمما يجوز لصاحبها التنازل عنها، كما لها الحق في الرجوع عن التنازل واستئناف المطالبة بها.
3. الإجابة في الفتاوى تكون بقدر السؤال الوارد إلي المجمع، وبإطلاعكم علي الاستفتاء والرد عليه في صدر هذا البيان يتضح لكم ذلك. فلا معني للاستفاضة في مسائل استعراضية ليست ذات صلة مباشرة مهما كانت أهميتها وجدواها.
وأخيراً نسأل الله الهداية والرشد أنه نعم المولي ونعم النصير
المصدر :smc[/ALIGN]