العشاء الأخير »لدبجو»
على ذات الطريقة والسيناريو الذي أنهى به أركو مناوي تحالفه مع الحكومة قبل حوالى ثلاث سنوات يحاول القائد بخيت دبجو المنشق من حركة العدل والمساواة صناعة سيناريو الخروج القادم من منظومة سلام دارفور على خلفية توترات ناشئة بين حركته ومكتب سلام دارفور التابع للقصر الجمهوري بسبب استحقاقات يرى دبجو أن على الحكومة الإيفاء بها فيما ترى الحكومة أنها لن تستطع أن تأتي باستثناءات خارج نصوص وثيقة الدوحة.. الأمر الذي أغضب مجموعة دبجو فأخرجوا الأنفاس الساخنة واتهموا الحكومة بالمراوغة والمناورة والتحايل وطعنوا في شرف الوثيقة ولهذا جاء استدعاء السيد رئيس الجمهورية للقائد دبجو إلى بيت الضيافة في محاولة لترطيب الأجواء وامتصاص حالة الاحتقان التي تعاني منها هذه المجموعة وهي حالة تعبر عن اختلالات بينة في معادلات البحث عن سلام دائم مع عقليات عسكرية تحتاج لمشروعات واستحقاقات لازمة تقع على الجانب الآخر في الحكومة المسؤولية الكبرى حتى يتحوّل هذا التحالف إلى سلام وحياة واستقرار وحتى لايكون لقاء دبجو بالبشير في بيت الضيافة هو العشاء الأخير ونهاية شهر العسل. بين الحكومة وحركة دبجو على الأطراف كافة أن تتعاطى بشكل موجب مع مطلوبات ملف دارفور وتجتهد كثيراً في سبيل توفير آليات وأدوات إنفاذ وثيقة الدوحة.
البرلمان يبحث عن «أسنانه»
ستكون أول سابقة من نوعها في تاريخ التجربة الإنقاذية في الحكم حينما يمضي البرلمان في إنفاذ سياسته الجديدة المعلنة والهادفة إلى إسقاط أي وزير ضعيف الأداء وشحيح الكفاءة والقدرة، لعمري هذه سياسة راشدة.. ولكن يا دكتور الفاتح أرجو أن تضيف على هذا الضعف جريمة الفساد المالي والإداري فهناك وزراء أقوياء في قرارهم وسلطانهم لكنهم ضعفاء وفاسدون أمام الحق العام فاسقطوهم أيضاً، ولكن قبل أن تسقطوهم افتحوا ملفاتهم الحمراء والسوداء وحتى «الخاصة» وحاسبوهم بمكاسب التجربة وفشلها.. فإن كنتم صادقين أبداؤا أولاً بآل البيت وأصحاب المشروع والفكرة تلك هي الفريضة الواجب أداؤها حتى تتبدد تهمة الضعف والوهن والإرادة الغائبة لهذا البرلمان لأن الذين ينظرون لهذه التجربة البرلمانية الحالية بأنها بلا أسنان وبلا آخر وأنها تعبير لمعادلة مختلة يتكرر صوتها كل يوم «375» مرة داخل القبة البرلمانية لعضو برلماني واحد وفكرة واحدة وحزب واحد. ولو أن الدكتور الفاتح عز الدين الرئيس الجديد للقبة البرلمانية أفلح في أن يشهر سبابته في وجه الجهاز التنفيذي فإنه بذلك يعطي البرلمان فرصة زراعة جديدة لأسنانه حتى يقوى على اقتلاع جزور الفساد وإسقاط الضعفاء.
سقوط «مشروع»
كم من المشروعات التي تغنت لها الإنقاذ؟.. وهللت وكبرت وأفردت لها المساحات الكافية في الميديا المحلية بكل تشكيلاتها وأفلح عباقرة الحكومة في صياغة الخطب الإعلامية الغزلية الرنانة فدغدغت مشاعر الناس فجاء مشروع التأمين الصحي من بين عدة مشروعات وبرامج خدمية أثبتت التجربة صدق النظرية وسقوط التجربة رغم أن الذي بذله القائمون خلف هذا المشروع من أموال لتسويق الفكرة إعلامياً وسياسياً، ولكن كل ذلك لم يشفع للتأمين الصحي أن ينطلق إلى غاياته، ولكنه تعثّر كثيرًا وسقطت فكرته تماماً بعد أن تناوشته التجارب الفاشلة خصوصاً بالولايات تلك هي اعترافات الحكومة التي وثقتها شهادة الأستاذ حسبو محمد عبد الرحمن نائب رئيس الجمهورية فثبت أن مظلة التأمين الصحي لا تغطي سوى «20%» من المواطنين في بعض الولايات وأخطر ما أصاب هذا المشروع من عثرات وسقطات أن الكفاءات الطبية هجرته فيما استوطنت الكوادر الرخوة والزائفة كل مفاصل المشروع ودخل الدواء السوق السوداء من أوسع الأبواب بعد أن تراجعت قائمة الأدوية المدرجة في خدمة التأمين إلى أدنى مستوى وبهذا سقط المشروع سقوطاً مدوياً وإلا لما دعت الحكومة إلى ضرورة إعادة النظر في تجربة التأمين الصحي بكلياتها.
صرخة «منبر»
حالة من عدم الرضاء والإحباط تتملك أهل الجزيرة.. الولاية الجريحة يتحدث مواطنوها هناك في المحظور وغير المحظور.. يطالبونها بالابتسام على مداخلها وهي موجعة تلعق جراحها فإن كانت هي على هذه الجراح لا تقوى على الوقوف على رجليها فكيف تبتسم؟
وولاية الجزيرة في مشهدها الحالي عبّرت عنها رسائل منبر أبناء الجزيرة الذي يحاول الآن أن يعيد لأهل الجزيرة بعض حقوق وأرادة مسلوبة.. دعونا هنا نتأمل في هذه الرسالة الباكية والحزينة التي وصلتني من الأخ عبد الناصر يعقوب المتحدث باسم المنبر بعد أن ألحّ علينا صاحبها بنشرها وتقول الرسالة.. ما كان لأبناء الجزيرة أن يتجهوا لمثل هذا الخيار فإنسان الولاية معروف بقوميته حيث انصهار جميع قبائل السودان بأرضها البكر.
فالجزيرة تعرّضت إلى ظلم ممنهج ومنظم حيث قتل مشروعها الذي كان عماد الاقتصاد السوداني وتم تشريد مواطنيها ما بين المنافي وشوارع وأزقة العاصمة والأرض الخضراء صارت بوراً بفعل التخبطات الحكومية والمسخ المشوه المسمى قانون «2005».
أُهملت الجزيرة في كل المجالات الصحية والتعليمية والخدمية والتنموية واستوطنت الأمراض الفتاكة كل قرى الجزيرة، أما مستشفياتها الريفية فصارت موطناً لقطط وخفافيش الليل وفيران العنابر.. التعليم الذي كانت تفاخر به الجزيرة أصبح في عداد الموتى كالمشروع لا توجد تنمية ولا خدمات عامة منذ أكثر من «24» عاماً. فجاء منبر أبناء الجزيرة ليضم كل أهل الجزيرة الزراع الصناع الأكادميين المهنيين الطلاب الشباب وكل الشرائح. لم يتجاوز عمر المنبر الشهرين، ولكنه أثار هواجس السلطان داخل الولاية وفي المركز فبدأت أجهزة السلطة ترسل الرسائل السالبة هنا وهناك لتفض جمع المنبر لعلمها أن هذا المنبر له تأثير كبير ويتبنى كذلك قضايا ومظالم حقيقية اقترفتها الأيادي الفاسدة في حق الجزيرة وإنسانها، ولكن المنبر وأهل الجزيرة عقدوا العزم من أجل بعث الروح والحياة في المشروع والعمل على نهضة شاملة للولاية التي تلاعب بها الطفيليون هل يعقل أن ولاية مثل الجزيرة منذ «1989» لم تنل أي حظ من قروض التنمية وهي التي كانت توفر معائش أهل السودان جميعاً منذ أكثر من «75» عاماً.
ولكن سيستمر منبر أبناء الجزيرة مدافعاً مناكفاً منافحاً عن إنسان الجزيرة ومشروعها بكل الوسائل المتاحة والمشروعة. ولن تفلح محاولات إجهاضه أو تفتيته ولن نسمح بهذه المحاولات؛ فالجزيرة وعت الدرس تماماً وسيكون المنبر وعاءً يجمع كل ألوان الطيف الفكري والسياسي لا يستثنى في ذلك أحداً. مهما كانت التباينات.
والجزيرة الآن يا هؤلاء تحتاج لنفرة جديدة لكل أبنائها بالداخل وبالمهجر حتى تعود إلى سابق عهدها كأم رؤم لكل أهل السودان. (عبد الناصر يعقوب ـ إعلام منبر الجزيرة).
صحيفة الإنتباهة
[/JUSTIFY]