الدكتور ابراهيم حامد:بعض أساتذة الجامعات أصبحوا مثل تجار الشنطة يجوبون الجامعات

[JUSTIFY]هذا نزر يسير من حوار مثير حول (بلطجية) الدرجات العلمية الذين يشترون شهادات الدكتوراة، أو يلجأون للقرصنة ..مع الدكتور إبراهيم حامد التكينة (دكتوراة في علم اللغة من جامعة واشنطن من الولايات المتحدة) والأستاذ المشارك حالياً بكلية اللغات بجامعة نايف العربية للدراسات الأمنية بالرياض بالمملكة العربية السعودية.

فالدكتور إبراهيم لا يستبعد أن تكون هناك قرصنة علمية، وهي قديماً كانت تسمى (الانتحال) أو عدم الأمانة الفكرية، أي أنه يأخذ مادة علمية أو فكرية من شخص وينسبها له باعتبار أنه المنُشئ للمادة، سواءٌ إن كان ذلك أسلوبياً أو فكرياً أو الاثنين معاً.

هناك ما يسمى بالكاتب (الشبح) وهو الشخص الوسيط الذي يكتب للآخرين بمقابل مادي وهذه الحقيقة تنطبق حتى على بعض الذين يحملون شهادة الدكتوراة بكل أسف.

ومثل هذا الشخص الذي يحمل دكتوراة مُزيفة لا يعمل عادة كأستاذ محاضر في الجامعات خوفاً من أن يفتضح أمره، أو أنه يعمل في الجامعات ولكنه يستعين بـ(الشبح) الوارد ذكره كي يعد له المادة وهذا يفسر ضعف طلابه.

ومن يحصل على المؤهلات العلمية الرفيعة بهذه الطرق الملتوية هو في العادة موظف انقطع عن التعليم وفي ظل الفوضى الأكاديمية الموجودة وكثرة أقسام التعليم العالي في جامعاتنا المختلفة وغيرها في البلدان العربية، وفي ظل عدم وجود الكفاءات المؤهلة، يستطيع مثل هذا الشخص المحتال أن يشق طريقه بالالتقاط ممن سبقوه، أو بالاستعانة بـ(الإنترنت) قصاً ولصقاً وهذا كثير، ومثل هذا الانتحال لم يكتشف حسب علمي، ولو تم اكتشافه فإن الباحث من هؤلاء المحتالين، يمهل فترة من الزمن لترميم ما أصابه من مشكلات وهذه ظاهرة في العالم العربي عامة، أو أن في لجان مناقشة رسالة الماجستير أو الدكتوراة تكون هناك صداقات بين المشرف على الرسالة وصاحبها وبين أعضاء اللجنة الآخرين فتمضي الأمور في مثل هذه الحالات دون إدخال أي طرف في حرج أكاديمي، وكثير ما يُزجى وقت مناقشة الرسالة في الأُنس بين الأصدقاء والمعارف بين صاحب الرسالة ولجنة المناقشة.

نسمع أن هناك من يبيع شهادات الدكتوراة وحتى شهادة البكالريوس فإذا صح ذلك فلابد من محاربة هذا الاتجاه لأن مثل هذه الممارسة تفسد جيلاً بحاله بل وأجيالاً كاملة كان يمكن الاستفادة منها لو أنهم لم يكتسبوا مؤهلات بالباطل، كما يخسر الوطن مواطنين كان من الممكن أن يدفعوا به إلى الأمام.

الجامعات عامة في السودان والعالم العربي تأتي في الترتيب الجامعي العالمي، لا تكاد تعثر في الألف على جامعة عربية مضمنة في القائمة, وفي تقرير سابق كانت الجامعات التي تدخل في هذا التصنيف المتقدم ضمن الأوائل هي دولتا إسرائيل وجنوب إفريقيا وموقع السودان بالنسبة لجامعاته الحالية، أشبه ما يكون بالجامعات العربية عامة، من حيث الضعف الأكاديمي مقارنة بما يجري في العالم كما أن التوسع في التعليم العالي أدخل مجموعة من العاملين في التدريس ما كان لهم أن يدخلوا إذا كانت الأمور تأخذ مسارها الأكاديمي الصحيح. فالتوسع في التعليم الجامعي دون الاستعداد الكامل لما يتطلبه هذا التوسع من أعضاء هيئة تدريس مؤهلين ومعامل ومكتبات متخصصة، كان بدونها التعليم ضعيفاً وناقصاً وغير مفيد للمجتمع.

ولا يغتر المواطن بالتسميات والمسميات، فكل جامعاتنا والجامعات العربية تحمل السمات نفسها من حيث هيئة التدريس والتقنية، على أن بعض الجامعات التي أحرزت سمعة طيبة في مجتمعنا من الجامعات الخاصة.. ما كان يتحقق لها ذلك إلا نتيجة لاختيار مجموعات طلابية هي في الأصل متميزة في النواحي التعليمية إضافة الى أن هؤلاء الطلاب في أغلب الأحيان من أسر مقتدرة مالياً، وفي نفس الوقت فإن الجامعات التي نتحدث عنها ومن خلال الرسوم المالية الكبيرة التي يدفعها ذوو هؤلاء الطلاب تستطيع أن تستقدم أساتذة من جميع أنحاء العالم وتؤهل الجامعات نفسها تقنياً، وترسل طلابها إلى جامعات بالخارج. وفي السودان يمكن الإشارة الى جامعة واحدة من هذا النوع.

واخطر ما يكون الأمر في الكليات التطبيقية مثل الطب والصيدلة والهندسة والمختبرات الطبية والأشعة فالتقصير الموجود بالجامعات في الإعداد التقني يؤدي إلى خريج غير كامل التأهيل وهذا يقصيه عن سوق العمل أو يدخله في أسواق تقبله على علاّته فيضر بمصالح المواطنين والدولة.

ما نشهده الآن في المنطقة العربية وعلى وجه الخصوص من اندفاع لاستيعاب السودانيين عموماً خاصة في العلوم التطبيقية كالطب مثلاً ناتج عن أن بعض هؤلاء السودانيين له اجتهاداته الخاصية إضافة الى ما حظى به من تعليم فوجد قبولاً لدى هذه الجهات، إضافة إلى أن المنطقة العربية تستقدم مجموعات كبيرة من الذين لا يجيدون التخاطب باللغة العربية مع المرضى والمراجعين، فكان من الأجدر استقدام الخبرات الناطقة بالعربية.

وللأسف أصبح بعض الأساتذة الجامعيين كـ(تجار الشنطة) ينتقلون بين المؤسسات التعليمية لسد احتياجاتهم المادية بسبب النقص في الهيئة التعليمية، ومنهم من يسافر لما يسمى بتغطية المنهج.

دور وزارة التعليم العالي هو أن تسد حاجة البلاد علمياً وتقنياً في جامعاتنا، وتصدر للعالم العربي لأنه جزء من الأنظمة، ووزارة التعليم العالي لم تؤسس أصلاً إلا لرعاية هذا النوع من التعليم كماً وموضوعاً وبدون هذا الإشراف يصبح التعليم فوضى، فالكل يفعل ما يريد بدون محاسبة، وهذا واقع الحال عندنا حالياً.

الفاتح الأمين:صحيفة اخبار اليوم

[/JUSTIFY]
Exit mobile version