} وتجاوزت (الخطوط الحمراء) المزعوم يكون في سياق نقد محترم وموضوع مؤسس على فكرة سياسية، بعبارات غاية في الأدب، والتهذيب بلغة تخاطب الرئيس بـ(سيدي الرئيس)، ونائبيه بـ(سيدي النائب) و… فهل ورد في صحيفة سودانية صادرة في الخرطوم منذ استقلال السودان وصف لرئيس البلاد بـ(السفاح) منذ عهد “الأزهري”، مروراً بعهد الفريق “عبود”، والمشير “نميري”، والمشير “سوار الذهب” والراحل السيد “أحمد الميرغني” والسيد “الصادق المهدي” والمشير “عمر البشير”؟!
} لا ترد مثل هذه الأوصاف الصادرة من لقطاء (الراكوبة) في صحافتنا، ليس خوفاً من الإيقافات والمصادرات والمحاكم ولكن لأن المهنية الحقة تفرض عليك الامتناع عن إطلاق مثل هذه الأوصاف (الجزافية) على أي زعيم سياسي، مهما بلغت درجة الاختلاف السياسي والفكري.
} في أوج هجماتنا الصحفية على قائد (التمرد) في جنوب السودان، أيام الحرب التي امتدت عشرين عاماً، فإن صحافة الخرطوم لم تصف يوماً الراحل “جون قرنق دي مبيور” بـ(السفاح)، مع أنه ثبت انتهاجه التصفيات الجسدية لعدد من كبار قادة (الجيش الشعبي) على فترات متفاوتة.
} ولم نصف قيادات حركات التمرد المستمر لأكثر من عشر سنوات في إقليم (دارفور)، بـ(السفاحين) ومصاصي الدماء، مع أنهم صفوا بعضهم البعض كثيراً، واستباحوا دماء المدنيين في المدن والقرى والفرقان من دارفور إلى كردفان.
} لكن سفهاء (الراكوبة) و(حريات) و(سودانيز أون لاين) وغيرها من مواقع السفه الإلكتروني استسهلوا الإساءة للجميع، ابتداء من السيد رئيس الجمهورية، مروراً بكبار قيادات البلد الدستورية، والسياسية والاجتماعية وحتى الرياضية، بأقذع الألفاظ وأحط العبارات، والمفردات (النابية) المستخدمة همساً في مجالس (قاع المدينة)!!
} (إنهم يسيئون لوطنهم وشعبهم) هذا ما ورد في خطاب الرئيس “البشير” في عيد الاستقلال، فماذا فعلت السلطات المختصة لإيقاف هذه الإساءات المتواصلة وعلى مدار الساعة للوطن والشعب وتلطيخ سمعة السودان في محافل الأسافير الدولية في وحل البذاءات العميق؟!!
} في جولة ميدانية للرئيس العراقي الراحل “صدام حسين” تحت أضواء كاميرات (البث المباشر) على الفضائية الرسمية، دخل أحد الأسواق، فوجد شاباً مبتئساً واقفاً بإحدى النواصي، فسأله: (مالك تبدو حزيناً؟) وأجاب الشاب، وكأن ليلة القدر قد حلت عليه: (أريد الزواج من بنت عمي، وعمي ما رايد يزوجني)!! ربت “صدام حسين” على كتف الشاب وقال له، في ما نقله تلفزيون العراق: (قول لعمك.. صدام بيسلم عليك)!!
} تزوج الشاب من بنت عمه بقرار جمهوري لم يحمل رقماً، ولا ختماً ولا تاريخاً، مجرد إشارة مبثوثة على الهواء، استلمها (عم) الفتى في منطقة ما في بلاد “دجلة” و”الفرات” عندما كانت آمنة.. مستقرة.. واحدة موحدة يحكمها رئيس واحد!!
} هنا.. في “الخرطوم” الرئيس “البشير” يصف مخربي الذوق العام والأمن الاجتماعي والسياسي على مواقع (الانترنت) في خطاب رسمي بساحة (القصر الجمهوري)، بأنهم (يسيئون لوطنهم وشعبهم)، فلا تحرك (هيئة الاتصالات) ساكناً لتوجيهات الرئيس الواضحة حول المسيئين للدولة والشعب!!
} تضع هيئة الاتصالات عبارات على مواقع الإباحية الجنسية والصور الفاضحة تقول: (هذا الموقع مغلق بأمر الهيئة القومية للاتصالات)، بينما تظل متفرجة على مواقع (الإباحية السياسية)، استناداً إلى تبريرات ضعيفة تتعلق بتشغيل (مصادر المعلومات)!!
} وهل هناك معلومات ذات قيمة أو حركة للمعارضة في أخبار الإساءة المستمرة للرئيس “البشير” وحرمه السيدة “وداد” وكل كبار البلد؟!!
نواصل
صحيفة المجهر السياسي
[/JUSTIFY]