ردوا الاعتبار للجيرة

[ALIGN=CENTER]ردوا الاعتبار للجيرة [/ALIGN] أكثر ما يقلقني من أمر الخلل المريع في التركيبة السكانية في معظم دول الخليج، ليس أن الجاليات الأجنبية ستنشر ثقافتها وتقاليدها بين سكان المنطقة، ولكن كون مجرد وجودهم بأعداد ضخمة أدى الى طمس بل اندثار الجيرة وحقوق الجوار.. هب أنك تعيش في شارع ما في عاصمة خليجية: على الأرجح سيكون جيرانك العشرين ينتمون الى تسع او أحد عشر دولة ويتكلمون سبع لغات مختلفة على أقل تقدير، وما يحدث غالبا هو ان كل واحد من سكان الشارع يسيء الظن بالآخرين وبالتالي لا مكان في بيئة كهذه لحقوق الجوار.
لو كانت البنتان البريطانيتان اللتان عبث والدهما بشرفهما تعيشان في بيئة متكافلة يعرف أهلها حقوق الجوار بحيث يعرف الجار الكثير عمن حوله ويهب الى بيوتهم إذا سمع فيها او عنها ما يثير القلق، لانكشف أمر أبيهم الحقير في مرحلة مبكرة: لماذا بطنك منفوخة يا بنت وعمرك 18 سنة وأنت لست متزوجة؟ قد تبكي وتخبر الجار أو الجارة بما يفعله بها أبوها..
الجيران المتواصلون اجتماعيا يدركون بحسهم الاجتماعي ان فلانا ليس بخير.. أو ولد علان سكير او حشاش، ولا يترددون في إبلاغ علان بالأمر.. وهناك جيران قد تعتبرهم حشريين، بينما يعتبرهم غيرك أهل مروءة، وهم الصنف الذي يقول للجار: شايف بنتك كذا مرة بيوصلها أكثر من شاب غريب ليس من أهلكم في ساعة متأخرة من الليل.
أكرمني الله في السنوات الأخيرة بجيران في العاصمة القطرية الدوحة من النوع الذي تحطه على الجرح فيبرأ.. يسألون عنا ونسأل عنهم: خير يا زول.. يومين بيتكم مطفي ولا حركة فيه؟.. لا، الحمد لله كلنا بخير بس سافرنا الى البحرين ليومين! طيب ليش ما خبرتونا منشان ما ننزعج عليكم.. لن نخبركم لأن انزعاجكم علينا يسعدني.. ما أجمل وأنبل ان يكون هناك أشخاص لا تربطك بهم صلة رحم او دم يهتمون لأمرك ويتمنون لك الخير.. والله يا جماعة لست ميالا للوعظ ولست مؤهلا له ولكنني أتمنى لو حرصنا على التواصل مع الجيران حتى لو كانوا من الشيشان او الطليان.. كان مجتمعنا معافى من الكثير من الجرائم ومن جنوح الصغار عندما كان للجيران من الجنسين نفس حقوق الوالدين: ينهرون المخطئ بل يضربون من يخرج على قواعد السلوك السليم.. لا تفتعلوا المشاكل مع الجيران لأنهم “غرباء”.. الحياة المعاصرة جعلت معظمنا غرباء حتى في أوطانهم.. لم يعد الناس يتمسكون ببيت العائلة “القديم” فكل من يملك بعض المال وكل من يستطيع الاقتراض يتعجل الانتقال الى أحياء تسمى “راقية” بعيدا عن مراتع الطفولة والصبا حيث كان أهل كل حي عائلة كبيرة.. وإذا سمعت بأن هناك حي يوصف بـ “الراقي” فأعلم أن كل واحد من سكانه يعيش في سجن جميل.. جميل فقط من الناحية المعمارية

زاوية غائمة
jafabbas19@gmail.com

Exit mobile version