قدمت قناة الجزيرة برنامجا عن زيارة البشير للقاهرة وزيارة هشام قنديل للسودان كان ضيفاها عثمان ميرغني من السودان واماني الطويل من القاهرة اختلف فيها الضيفان اختلافا كبيرا في تكييفهما لتلك العلاقة فعثمان يرى ان الضمان لتطور هذة العلاقة هو ابعادها عن السياسة نهائيا وحصرها في الاقتصاد وابعاد لغة العاطفة لتحل محلها لغة المصالح البحتة وقال عثمان طالما ان القصر الجمهوري في السودان وقصر عابدين هما الامكنة التي تنطلق منهما كل المبادرات المتعلقة بتلك العلاقة فانه محكوم عليها بعدم التطور ان لم نقل بالفشل
على العكس تماما ترى اماني الطويل ان السياسة هي الرافعة التي تقوم عليها تلك العلاقة وذهبت اماني الي ابعد من ذلك وقالت انه يتوجب على مصر ان تعمل على اصلاح سياسي في السودان وذلك بجمع شمل اطياف السياسيين في السودان وحل مشكلة دارفور والتوسط بين السودان وجنوب السودان واجملت بان السودان يعاني من عدم استقرار سياسي ومقبل على متغيرات غير مأمونة العواقب وبالتالي على مصر ان تحول الوضع في السودان من حالة عدم الاستقرار الى حالة من الاستقرار وبعد ذلك تقيم علاقات ثابتة ومتطورة معه
عن اخوانية العلاقة اي الايدلوجية الحاكمة في البلدين قال عثمان ميرغني انه يبصر وبقلق هذا الملمح وانه ضار بهذه العلاقة انه امعان في التسييس لها اما اماني الطويل فقد قالت ان التطور الاخير في العلاقة لايرجع لاخوانية مرسي لان الذين يضعون سياسة مصر الان هم الخبراء وليس الاخوان لم تستخدم اماني مفردة الدولة العميقة صراحة انما اشارت لها ضمنا لها ولو طالبت ان يقابل خبراء مصر خبراء من السودان لتاسيس هذه العلاقة وابعادها من السياسيين لتطابقت وجهة نظرها مع وجهة نظر عثمان ميرغني فعثمان اتسمت وجهة نظره بعدم التناقض في كل المداخلات
مهما يكن من امر اجمع الاثنان على ان ما حدث مؤخرا من (فورة) في العلاقة بين البلدين من زيارة رئاسية سودانية لمصر وزيارة وزارية مصرية للسودان وافتتاح لفرع كبير لبنك مصري كبير وما صاحب ذلك من صوت عالٍ يقول بان فجرا جديدا قد انبلج لتلك العلاقة نسبة الوهم فيه اكبر من الحقيقة او بالاحرى ان العلاقة ستظل على ماهي عليه تمشي اتنين وترجع تلاته وان الحفر الارضية والمطبات الهوائية التي تنتظرها في الطريق اكبر بكثير من تصور القائمين على امر هذه العلاقة الان بعبارة ثانية ان هذا التفاؤل اكبر بكثير مما ينبغي
الناظر لتاريخ هذه العلاقة بين البلدين سوف يرى انها مرت بدفعات سياسية اكبر من الدفعة الحالية فقد وصلت مرحلة البرلمان المشترك (برلمان وادي النيل ) واذاعة وادي النيل ومجلة وادي النيل هذا بين النميري والسادات وقبل ذلك دولة ميثاق طرابلس (وحدة حرية اشتراكية) بين ناصر ونميري والقذافي ثم انحدرت تلك العلاقة بعد محاولة اغتيال مبارك الى تحريك سلاح الطيران لضرب الخرطوم لكن ربك ستر ثم هاهي تعود الى عهد طه/ قنديل وفي النهاية ستظل هكذا متأرجحة غير ثابتة (تمشي اتنين وترجع تلاتة) فالخلل ليس في الانظمة وحدها بل هناك خلل بنيوي وربما شيطان لابد (مختفي) يمنع التقارب بين البلدين ولكن المشكلة الان في ان علاقة بذات التأرجح والدغمسة بدأت تطل مع جنوب السودان فهذا يعني ان السودان لن يستقر في شمال شماله ولاجنوب جنوبه ولم يبق الا ان نغني مع ترباس ….
[/JUSTIFY]
حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]