[JUSTIFY]في غمرة انشغال الناس بأزمة الدقيق والغاز وفي الوقت الذي كان فيه الجميع في انتظار موقف إيجابي يدعم الجهود الإصلاحية التي يعتزم رئيس الجمهورية الإعلان عنها في غضون الأيام المقبلة، في هذا الوقت يأتينا من أعضاء البرلمان شيء لم يكن لأحد أن يتوقعه منهم خاص بعد الحديث الذي بشر به رئيس البرلمان الأخ الفاتح عز الدين بنفسه حينما أدى القسم رئيساً للبرلمان، وقتها صدقنا أن ثورة الرجل حقيقية وأن اتجاهات الإصلاح ماضية بقوة طالما البرلمان بنفسه يتقدم ركب الإصلاح ومحاربة الفساد سواء أكان فسادًا ماليًا أم فساد إجراءات إدارية من أجل خلق وظائف لترضيات وموازنات جهوية أو قبلية ومن المؤسف أن تدخل الموازنات حتى فى لجان الهيئة التشريعية التى هى مناط الاهتمام بقضايا الناخبين عبر الرقابة والتشريع ولكن أن ينصب هم الأعضاء كله في خصوصياتهم ومخصصاتهم بحثاً عن التوظيف عبر زيادة عدد اللجان فإني لا أجد لذلك مبررًا آخر غير الانصراف عن مسؤولية عهدهم مع الناخبين إن كان أعضاء البرلمان يذكرونه أو يتحسسون ضمائرهم عن واجبهم تجاه ما يجري لأهلهم الذين دفعوا بهم لهذه المهمة بل دفعوا من جيوبهم لكي يكون لهم صوت ناطق بقضاياهم ولكن المصيبة التي وقعت على البرلمان حيرتنا فهؤلاء لا يسجلون الحضور الكامل إلا لمتابعة خطاب رئيس الجمهورية الذي يقدمه في فاتحة دورة البرلمان وبمجرد ما يفرغون منه ينتشرون في الدواوين الحكومية باحثين عن أرزاقهم أعتقد أن ما جرى أمس الأول حول عدد اللجان وكيفية الاختيا ر لها والملاسنات فيها وبالمكشوف بين أعضاء مخضرمين إنما هو أمر لا يتناسب بأي حال مع تداعيات الأحداث التي تعيشها البلاد وحالة التقشف والفلس الذي فرضته تداعيات الأزمة الإقتصادية والطموحات والآمال المصوبة نحو ما ستحملة حزمة الإصلاحات الرئاسية ومافيها من جديد فالناس مشغولون بأمر معاشهم وبالغلاء الذي ساد الأسواق وطال معظم السلع الضرورية فكان الواجب على اعضاء البرلمان ان يقدموا النموذج الحسن وان يكملوا اشواط الإصلاح والتقشف بتخفيض عدد اللجان او تركها على وضعها السابق والانصراف للنظر فى القضايا التى تهم الشعب، نريد البرلمان ان يسائل الحكومة حول الندرة فى الدقيق والغاز ويحاكمها على التفريط واسباب الخلل ويجبرها على اتخاذ التدابير التى تمنع تكرار هذه الأزمات مستقبلاً، كنا نريده ان يكون قريبًا من هموم المواطنين وفى المقدمة دائماً وان لا يأتينا متاخرًا ويضرب سياجاً من العزلة على نفسه كما هو الحال فى الفترة السابقة، فقد تميز اداء البرلمان بالضعف بل كان بعيدًا عن هموم المواطنين حتى يئس الناس من خير فيه وما عادت تشغلهم جلساته ولا ما يدور بداخله وقد تفاءلنا بالتجديد فى قيادته ولكن هاهي المخاوف تعود من جديد طالما ان البرلمان لا يزال مشغولاً بقضاياه اكثر من قضايا شعبه وما نخشاه أن ينهي اختيار لجانه ويذهب كالمعتاد في اجازة طويلة ويترك الشعب يدبر حاله مع الحكومة ولسان حاله دائمًا الناس فى واد والبرلمان فى واد آخر نأمل ان يستفيق اعضاء البرلمان ويدركوا مسؤوليتهم وان يختاروا لأنفسهم الموقف الصحيح لأن تاريخ الشعوب لا يرحم وأنا على قناعة بأن قيادة البرلمان الحالية والمتمثلة فى الأستاذ الفاتح عز الدين والدكتور عيس بشري والأستاذة سامية احمد محمد كل هؤلاء فى مقدورهم تحريك المجلس الوطنى وقيادته فى الاتجاه الذى يفعِّل دوره فى الحياة العامة وذلك بحكم ما نعرفه عنهم من استعداد وخبرة والمام بالقضايا العامة والقضايا التى تؤثر على حياة الناس وهذا الاستعداد ينبغى ان يقابله جهد من النواب جهد يعيد للبرلمان بريقه والا فإن الأعضاء اذا ما ساروا على هذا النهج «فى الجيل نسوا» واعتقد ان البرلمان هو سيد نفسه هو من يقرر فى شأنه ليس هناك سلطة عليه من حزب لأن شرعية النيابة الجماهيرية تعلو على شرعية الحزب وهى الضامن الوحيد لنفوذ العضو البرلمانى ومنها يستمد قوته.