د. حسن التيجاني : جمارك مع إيقاف التنفيذ !!

[JUSTIFY]الذين يعملون في التجارة الخارجية أو التُجار الذين تكون كل سلعهم مستوردة من الخارج، تزعجهم الأسماء كالجمارك، الضرائب، المواصفات والجودة، والنفايات والموانئ البحرية والجوية والبرية… وهذه الأسماء تزعج خاصة المهربين عبر حدود الدول… باعتبار أنها إدارات تفرض رسوماً لا تجعلهم في مأمن من أمنية تحقيق أكبر قدر من الربحية في وقت وجيز يجعلهم ضمن تصنيف كبار التجار والمصدرين والموردين دون وجه حق، لذا المهربون دائماً يخاطرون بأنفسهم، واختصاراً لكل هذه «الجرجرة» كما يقولون ويعتقدون ويظنون يعبرون ببضائعهم الحدود دون أن تلحظهم أعين الجمارك على حد اعتقادهم الخائب، ولا تلحق بهم مواصفات وجودة ولا حتى نفايات.. طبعاً هذا سلوك يشير إلى انعدام درجات الوطنية والانتصار لحب الذات… لكن الناظر لهذه الإدارات جميعها عدا إدارة النفايات لأنها لا عائد منها يرتجى غير وجع الرأس يجد أنها إدارات تعمل بمفاهيم أقرب ما تكون في أكثرها للعلمية… الجمارك تحديداً شهدت في عهد اللواء سيف الدين عمر سليمان تطوراً علمياً دقيقاً ولعبت دوراً كبيراً في الدفع بميزانية الدولة العامة أو كما يحلو للآخرين تسميتها خزينة الدولة «دفع الذي لا يخاف الفقر أبداً»… والآن إدارة الجمارك تساهم مساهمة كبيرة في الاقتصاد القومي شأنها شأن البترول والزراعة والثروة الحيوانية.

وبالتأكيد أي نجاح كمثل هذا لا يتأتى «بأخوي وأخوك» بل يحتاج لجهود كبيرة ومتابعة لصيقة ودقيقة، وبالتأكيد الحرص على المال العام مسؤولية كبيرة لا يتحملها إلا القنوع الوقور… وإلا كان الفساد هو الصفة السائدة في مؤسسته.

ورغم ارتفاع رسوم الجمارك على السلع، كل السلع، ولا يقنعني أحد بأن هناك سلعاً معفية تماماً من الجمارك إلا ملابسك التي تغادر فتعود بها… لكن نقول أن نسبة الجمارك فيها واردة مع إيقاف التنفيذ.

لكن رغم كل ذلك يشكر ويحمد للإخوة في إدارة الجمارك أنهم رائعون في مفهوم التحويل الذي تشهده الإدارة من العمل «الجربندي» إلى العمل العلمي الإلكتروني ومستوى الضابط وصف الضابط والجنود في الفهم العالي للتعامل مع المصطلحات الجمركية العالمية.. لكن هذا لا يكفي ونحتاج للمزيد من العمل المتطور الذي يرضي العميل الذي ينظر إليكم باحترام في كثيرٍ.

أهداني الأخ المقدم الدكتور مجاهد الفادني، ويبدو أن الفادنية طغوا على اسم الشيخ، فهكذا ظللنا نناديه بـ «الفادني» مسؤول الإعلام بهذه الإدارة، مجلة الجمارك، وأعجبني فيها مقالان حقيقة، الأول كان للمقدم حقوقي د. محمد نصر من جمارك النيل الأبيض كان بعنوان «عوامل نجاح الثورات العربية وإسقاطها على الواقع السوداني». واستطاع الكاتب أن يعكس فيه بعداً «أكاديمياً» قوياً للواقع وأثر الثورات هذه على الواقع الحياتي، لكنه كان بعيداً عن ربطه بالتأثير على الأبعاد الجمركية بتركيز…

وبالتأكيد لو فعل ذلك كان سيكون لهذا المقال بعده المناسب على مفهوم مجلة الجمارك هذه. والمقال الثاني للبروفيسور عبد اللطيف البوني الكاتب الصحافي المعروف بالزميلة «السوداني» حول تشوهات المهنة، وأوضح في مقاله الخفيف الظريف طرفة جاءت في صميم ما تتركه المهنة من تأثير على ممتهنها.. الطرفة تقول إن أحد الممرضين كان جالساً في مقعد داخل بص، وكان يقف الى جواره راكب آخر ممسكاً بيده شماعة البص، وقد انحسر «كُم» قميصه عن ذراعه، فظهرت الشرايين بصورة واضحة، فما كان من الممرض إلا أن وقف تاركاً مكانه للواقف احتراماً له مع أنه أصغر منه في السن مبرراً ذلك بالقول «والله أعجبتني شرايينك دي لأنها ما بتتعب الزول في تركيب الدِرِبْ» انتهى حديث البوني… فالجمركي إذا لاحظ شنطة عليها علامة أية شركة طيران يُدقق فيها النظر طويلاً هل يا ترى مرت هذه الشنطة بسير الجمرك أم لا؟… حتى لو كان صاحبها يحملها وهو في طريقه إلى الميناء البري متجهاً لإحدى الولايات… والذي لا تترك فيه أخي البوني المهنة أثراً كهذا خاصة في مهنة الشرطة، فعلى خزينة الدولة السلام، مع تحياتي للبوني ومجاهد الفادني ولسعادة اللواء د. سيف الدين عمر سليمان وكل العاملين بالجمارك.

«إن قُدّر لنا نعود»

صحيفة الإنتباهة
ع.ش

[/JUSTIFY]
Exit mobile version