ضلوع أوغندا في معارك جنوب السودان أثار بواعث القلق من اتساع نطاق الصراع، بما يجتذب أطرافاً إقليمية إلى الدولة المنتجة للنفط.. وعبرت إثيوبيا عن قلقها من دور أوغندا، فيما قال وزير الخارجية السوداني، علي كرتي أمس (الاثنين) إن قمة (الخميس) المقبل ستشكل فرصة للنظر في التدخلات الأجنبية بجنوب السودان. وأكد كرتي أن السودان معني أكثر من أي دولة أخرى، بأمن واستقرار دولة الجنوب، وذلك لأسباب أمنية واقتصادية. وأوضح أنّ وجهة نظر بلاده واضحة بشأن هذه الموضوعات، وتابع بالقول: السودان اختار موقفاً واضحاً وإيجابياً تجاه السلام والاستقرار بدولة الجنوب، فضلاً عن موقفه الرافض للتدخلات الأجنبية بجنوب السودان.
وكان سفير السودان بدولة الجنوب مطرف صديق، أكد أن الرئيس البشير سيشارك في القمة المرتقبة. وقال وزير الخارجية إن لقاءه مع الرئيس تطرق أيضاً إلى علاقات السودان الخارجية مع مجمل دول الإقليم ومنطقة الشرق الأوسط، بجانب سياسات وزارة الخارجية تجاه المنطقة.
مع شروق شمس كل يوم تتدفق المعلومات حول الفظائع، وها هي الأمم المتخدة تكشف عن اقتحام جنود يتبعون لجيش جنوب السودان مخبئاً محميا للمدنيين في قاعدة بعثة الأمم المتحدة في (بور) عاصمة ولاية جونقلي. وندَّد المتحدث الرسمي باسم المنظمة الدولية مارتين نيسركي بتصرف الجنود (الأهوج). وكان الجيش الشعبي أعلن (الأحد) الماضي استعادته السيطرة على عاصمة ولاية جونقلي الاستراتيجية مدينة بور، التي استولى عليها المتمردون بقيادة نائب الرئيس السابق رياك مشار، بعد معارك عنيفة بين الجانبين خلال اليومين الماضيين. وأفاد نيسركي في تصريح بأن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قلق بشكل خاص من أن الجنود السودانيين الجنوبيين يهددون موظفي الأمم المتحدة، الذين منعوا الجنود من ملاحقة المواطنين إلى منشأة البعثة المحمية. وحسب قوله، فإن هذا الحادث أصبح خرقاً جديداً للاتفاقية حول وضع القوات التي تنص على عدم تدخل جنود جيش جنوب السودان في نشاط بعثة الأمم المتحدة.
وتعرضت مختلف المرافق التجارية والسكنية في بعض مدن الحنوب لأعمال حرق ونهب على نطاق واسع، فيما أثار تناثر الجثث في أكثر من مدينة قلق الأمم المتحدة على مستقبل الأوضاع بالدولة الوليدة.
* الشعبي ودلوه
في الأثناء توقع المؤتمر الشعبي المعارض في السودان، فشل مبادرة (إيقاد) واستطالة أمد الحرب حال استمرارها بصورتها الراهنة، وقال إن دولة السودان ستتأثر بشكل مباشر من النزاع المسلح بين الفرقاء السياسيين في جوبا. وقال أمين أمانة الأقاليم المتأزمة ودول الجوار القريب، محمد الأمين خليفة، في مؤتمر صحفي أمس (الاثنين) إن السودان بإمكانه لعب دور (حيادي) كامل للوصول إلى حلول مشتركة بين سلفاكير ميارديت ونائبه رياك مشار، وكشف عن اتصالات لقيادات حزبه بالفرقاء السياسيين في دولة الجنوب عبر سفير جوبا بالخرطوم، ميان دوت وول، لوقف الاقتتال وحقن الدماء في الدولة الوليدة، لافتاً إلى أن حكومة السودان يمكنها حل قضية الجنوب، واستضافة سلفاكير ومشار في الخرطوم للتفاوض، حال التزامها مبدأ (الحياد) باعتباره قيمة أخلاقية سترفع اسم السودان عالياً في المحافل الإقليمية والدولية. وقال خليفة إن أزمة جنوب السودان أثرَّت كثيراً على دول الجوار وعلى رأسها السودان، واستدل بعودة صفوف الوقود والخبز، والضائقة المعيشية، مؤكداً أن الحرب ستؤثر على تدفق النفط وتقليل إنتاجه، فضلاً عن تأثر الحريات (الأربع) بين السودان والجنوب، والحركة الطبيعية للمواطنين على الشريط الحدودي، وإفراز مجموعات من النازحين واللاجئين، وماسأة إنسانية بالغة التعقيد، لافتاً إلى أن بعض المنظمات كشفت عن مقتل (10) آلاف مواطن، ونزوح ولجوء الآلاف إلى دول الجوار. وأكد خليفة أن انفصال جنوب السودان مسألة (مدمرة) اقترفتها أيادي السودانيين جميعاً عبر حقب التاريخ المُختلفة، لافتاً إلى أن أسوأ السيناريوهات يتمثل في استمرار الحروب في الدولة الوليدة، وولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، رغم الانفصال السلمي بين البلدين.
* تضارب تصريحات
رغم إعلان سيطرة الجيش الشعبي على مدينة (بور) إلا أن الجيش الأوغندي الذي يقاتل في جنوب السودان مساندا للرئيس سلفاكير ميارديت نسب التحرير لنفسه متجاوزاً إعلانات حكومة الجنوب التي قالت إن جيشها حرر المدينة التي تبعد عن العاصمة جوبا (200) ميلاً، بينما قالت القوات المتمردة بقيادة رياك مشار إنها إنسحبت منها لأغراض (تكتيكية) تتعلق بمهام أخرى لم تفصح عنها.
في الوقت نفسه، أكدت رئاسة جنوب السودان ثقتها في سرعة التوصل خلال أيام إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع حركة التمرد التي يقودها نائب الرئيس السابق رياك مشار. وقال المتحدث باسم الجيش فيليب أقوير إن قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان دخلت (بور) عاصمة ولاية جونقلي وإن قواته دحرت أكثر من (15) ألفا من رجال رياك مشار وأحبطت مخططاته للزحف إلى جوبا ومهاجمتها.
وأقر لول رواي كوانغ متحدثاً باسم المتمردين من أديس ابابا، حيث تجرى المفاوضات حول اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار، بأن قوات مشار انسحبت تكتيكياً من مدينة بور الاستراتيجية والتاريخية بهدف إعادة تنظيم صفوفها والتحضير لمهمات أخرى، وأضاف: “لقد انسحبنا من دون إطلاق رصاصة واحدة”.
من جهته حيا، اتني ويك انتني، المتحدث باسم رئيس جنوب السودان سلفا كير الجيش على الإنجاز الذي حققه، داعياً في الوقت نفسه رجاله إلى احترام “دولة القانون”.
* نزوح الآلاف
المعارك الدائرة في جنوب السودان، أسفرت عن نزوح (450) ألف شخص بحسب الأمم المتحدة بينما تحدثت بعض المصادر عن سقوط ما بين ألف وعشرة آلاف قتيل. وفي ملكال ما يزال الوضع غامضاً حيث أفاد شهود عيان أن الجيشين يتقاسمان المدينة التي تشهد معارك حامية منذ مطلع الأسبوع الماضي، وأعلن جيش جنوب السودان، الجمعة، أنه بات عاجزاً عن الاتصال بقواته التي تقاتل في هناك. وأصبحت ملكال بولاية أعالي النيل من ميادين القتال الأكثر ضراوة في النزاع الدائر رحاه منذ أكثر من شهر بين الجيش الموالي للرئيس سلفاكير، وحركة تمرد غير متجانسة يقودها نائب الرئيس السابق رياك مشار منذ (15) ديسمبر.
صحيفة اليوم التالي
بهرام عبد المنعم
ع.ش