أصحاب المركبات العامة لا يألون جهدا في استثمار الأزمة لصالح زيادة فورية في التعريفة خاصة الحافلات الصغيرة (الهايس)، المواطن يبدو في هذه الحالة أقرب إلى المهووس الذي تكاثرت عليه الأسئلة في البيت وزادت عليه المتطلبات وتعثرت عليه الإجابات في الشارع.
محدثي من شركة مطاحن للدقيق قال إن الأمر يتلخص في الآتي: “تتوقف مصانع الدقيق عن العمل فالقمح موجود لكن اعتمادات الدولار التي تمنحها الحكومة (مخفضة) لأصحاب المطاحن يجب أن تكون (حاضرة ومقبوضة) لأن أصحاب المطاحن لا يجازفون من محصلاتهم باستيراد دقيق أو قمح ولو جاع الشعب السوداني حتى الموت”، يمضي مندوب المبيعات: “منذ حوالي ثلاثة أيام نحضر لشرب القهوة والشاي ونعاود إلى منازلنا مبكراً.. لا لنا عمل لأن المطاحن متوقفة عن الإنتاج!”
صاحب مخبز بضاحية (أبو آدم) قال إنّه بات يستهلك مخزونا ذاتيا كان يعده لمثل هذا اليوم.. صاحب المخبز أضاف في حديثه لـ(اليوم التالي): “أنا مخزوني حينفد هذا الصباح (أمس الاثنين) وإذا لم أحصل على الكميات من المطاحن فسأضطر للتوقف عن العمل نهائياً”!
الشارع يبدو غير مطمئن لهذه الحالة التي تنبئ بشح قادم أسوأ، ربّما، الناس تأكل الصباح لكنها لا تنسى إلا أن تحمل زاد المساء في جيوبها المرهقة، أواني المطاعم تبدو مجلوّة ونظيفة منذ نهار مبكر.. ليس ثمّة فائض أو (بقايا فتات) ينتظره بعض المحتاجين.
أزمة الخبز التي تتراءى كمشهد شبه يومي في شوارع الخرطوم عبر الصفوف الطويلة خلال الأيام الماضية تباينت آراء البعض فيها، غير أن السبب الرئيس عزته مصادر إلى كون بنك السودان فشل في التعهد غير قابل للنقض لدى موردي القمح؛ جهات حكومية أو شركات خاصة، أو حتى بنوكا عالمية، وتفسر المصادر هذا الإجراء بأنه يعبر عن شح لدى بنك السودان في توفير العملة الحرة، واعتمادات الصادر للمطاحن الذي يعرف اختصارا بـ(IRU).. ولكن ست الشاي التي تمضي صباحها ونهارها في هجير دائم لتعود، وفي معيتها بعض من قوت لأطفالها الصغار لا تعرف هذه الحروف الصغيرة، ذات الآثار الخطيرة والكارثية.. ربّما انشغل خاطرها أوان عودتها خاوية الوفاض بأهازيج حميد: “مشت النهارات بالصبر أبت المغارب تتمشي
حسن محمد على: صحيفة اليوم التالي
[/JUSTIFY]