شمائل النور : تحدي الشعب وإهدار ماله ..!

[JUSTIFY]كعادته كل عام،لم يكن تقرير المراجع العام السوداني مخيباً للآمال ولم يخرج عن التوقعات المنطقية لدى الكثيرين إن لم يكن الجميع،تقرير المراجع العام والذي جاء متأخراً بضعة أشهر هذا العام،لم يأت بجديد،الجديد فقط هو المزيد من التأكيد على أن سوء الظن ومهما ارتفعت درجاته يظل حسن ظن في حكومة ليست حريصة على صون مال الشعب،فكل ما تتحدث عنه السلطات عن عزمها المحاسبة والرقابة لم يتجاوز حدود أجهزة المايكرفون،كما أن الجديد كلياً هذه المرة ومع مضي الحكومة فيما تطلق عليه “إصلاح اقتصادي” وتقليل إنفاق ومحاربة تجنيب،أنها غير مؤهلة للقيام بواحدة من تلك،بل أن الواضح هناك تحدي للشعب،فكيف أن الجميع يرى التجاوز الفاضح وبهذه الأرقام والتجاوز يستمر كل عام،وتغيب المحاسبة كلياً،كما غابت الرقابة،تجاوز في إدارة الضرائب،تجاوز في إدارة الجمارك،تجاوز في عائدات صادرات الذهب الذي يعول عليه كبديل للنفط،ولا محاسبة ولا إنذار ولا غيره..أليس هذا تحدي للشعب المهدر ماله،استمرار تقارير المراجع وبكيفيتها هذه ومع الإصرار على عدم تفعيل الرقابة التي تمكن من المحاسبة،هذا لا يعني أن الشعب تاكد من أن هناك لصوص يسرقون ماله،هذه ليست القضية أصلاً،القضية الحقة أن هناك من يحمي هؤلاء اللصوص،وهؤلاء من يعيقون المحاسبة لأنها تتعارض والمصلحة الكبرى..الطبيعي أن يكون هناك لص أينما وُجد المال الذي يُصرف دون رقيب،حتى لو لم يكن لصاً محترفاً،إن القضية ليست في أن يتجاوز شخص ذو نفس ضعيفة ويتعدى على أموال الشعب الذي هو منه،لكن القضية أن هناك من يحمي بل ويمنح الرتب والمناصب لأمثال هؤلاء حتى يمارسوا فسادهم بشرعية مطلقة وحماية عالية،ما يقود مباشرة إلى أن المصالح العميقة المتشابكة والمعقدة لن تسمح بالمحاسبة كما لا يوجد من هو مؤهل لمساءلة غيره،فالكل في الهواء سواء،لم اتوقف كثيراً عند أرقام المراجع العام،التجنيب مستمر،رغم القسم الغليظ،والتجاوز مستمر رغم الوعيد،الحصانات لوحدات بعينها مستمر،ولو أن تقرير هذا العام ركز بشكل لافت على تجاوز وزارة المالية،في محاولة لتحميل أسماء محددة عبء بعض من هذه الأرقام،لكن الذي استوقفني هو حالة أقرب لعدم الحياء،فبينما يشاهد العالم فضائح التجاوز في مال الشعب تطلب حكومة السودان من العالم إعفائها من الديون الخارجية،ويمضي وزير المالية أكثر من ذلك،حيث أن الديون الخارجية عطلت مسيرة الاقتصاد السوداني،إنهم يخدعون ويخادعون العالم،ما عطل الاقتصاد ليس الديون الخارجية،ما عطله بالفعل هو أن يصل بلد الموارد لان يستدين من الخارج،ما عطل الاقتصاد هو غياب العامل الأخلاقي أولاً،الذي حول مشروع الجزيرة إلى أرض بور،والذي حول السكك الحديدية إلى مناطق لقضاء الحاجة،والذي حول مصانع النسيج لسكنات للبوم،والذي حول المال العام إلى خاص،حسناً..فلتردوا الدين الداخلي أولاً،ثم لكم أن تطلبوا من دول العالم أن تعفي ديونها عن السودان.

صحيفة الجريدة

[/JUSTIFY]
Exit mobile version