[JUSTIFY]من أين أستطيع البدء يا ترى الحديث عن التعليم والمنهج الدراسي في المدارس السودانية لمرحلة الأساس فقط، ناهيك عن التعليم الجامعي أو ما فوقه؟ فالحديث متشعب والموضوع شائك لدرجة أن له أبعاد فوق ما قد تصوره أقلامنا، فبدأت مشكلة التعليم كما أعتقد منذ تغيير السلم التعليمي منتصف التسعينيات حيث تم إلغاء مرحلة الأساس المكونة من «6» سنوات ودمجها مع مرحلة المتوسط «3» سنوات لتصبح «8» سنوات بمرحلة الأساس، إلغاء عام كامل أثر بلا شك في استيعاب وفهم الطلاب وأدخلهم نفق العجلة في ارتقاء السلم التعليمي تمهيدًا لدخولهم مرحلة الثانوي في مرحلة عمرية حرجة «ما بين الطفولة والمراهقة»، وزاد على الأمر سوءًا تغيير المنهج القديم بآخر جديد اختلف كماً ونوعاً في مفاهيمه عن المنهج القديم رغم أنه ضم عدداً من المناهج الحديثة في العلوم والرياضيات وغيرها، ولكن مالفائدة من منهج يعجز عن استيعابه الطلاب وإحراز درجات النجاح كاملة؟ لتصبح أذهانهم محشوة بمواد ومقررات ينسون محتواها بنهاية العام؟ وقبل أيام دار الحديث عن اتجاه لإعادة السلم القديم إضافة لعام آخر ليصبح الأساس «9» سنوات، فهل من المعقول قضاء «9» أعوام في مرحلة واحدة فقط؟ «دي النفسيات بعينها» رغم أن الاتجاه قد يواجه بالرفض أو القبول من البعض واختلاف المراحل وتسمياتها يعد محفزاً ومشجعاً لنجاح الطلاب تمهيدًا لانتقالهم للمرحلة المقبلة، ومن الملاحظ أن التعليم لم تنحصر مشكلاته في المدارس والسلم فقط، ولكن صاحبها مشكلات في المعلمين المؤهلين والبيئة المدرسية المختلفة ما بين المدارس الخاصة والحكومية وظاهرة التعليم المختلط دون الوضع في الاعتبار ما قد يجره هذا الأمر من خطر يهدد مستقبل الطلاب وأسرهم وارتفاع معدلات العنف والجريمة بين الطلاب أنفسهم، إضافة إلى ضعف التعليم الحكومي مع توسع التعليم الخاص رغم ارتفاع التكلفة وافتقار المدارس لأبسط المقومات التربوية والبيئية؟ انتشار ظاهرة تسرب الطلاب من المدارس أثناء اليوم الدراسي دون رقيب أو مساءلة سواء من الأسر أو المدارس؟ واكتظاظ الفصول بعدد كبير من الطلاب مما يؤثر في مقدرتهم على الاستيعاب، وأُريد أن أشير إلى ظاهرة أخرى وهي وجود الطلاب بأزيائهم المدرسية وانتشارهم في نوادي ومقاهي الإنترنت والأسواق والحدائق العامة أثناء اليوم الدراسي، فمن المسؤول عن ذلك؟ والبعض منهم يوجد في الساحات العامة بغرض تعلم قيادة السيارات والمواتر، والمشاهد التي تؤكد وجود خلل في العملية التعليمية كثيرة قد لا يتسنى لنا سردها، ولكن ندعو الخبراء في التربية والتعليم أن يعيدوا الشعار القديم للتعليم في البلاد «التربية قبل التعليم». فالجيل الحالي من الطلاب قطع شك فاته الكثير ويستحق منا جميعاً إعادة النظر لأجل مستقبل زاهر ومشرق، التعليم قديماً خرَّج أجيالاً تميَّزت بالثقافة والعلم والكفاءة التي دفعت بها إلى الحياة العملية بكل ثقة وأصبحت أسماء البعض منهم منارات سامقة في السودان وياليتهم يحظون بقدر ولو ضئيل من التعليم زمان.