الطيب النقر : جريمة الإجهاض بين الشرع والقانون

[JUSTIFY]الإجهاض جريمة نددت بها الشريعة الإسلامية، وحاربتها كذلك القوانين الوضعية، لما فيها من إزهاق جنين بدأت الحياة تدب فى أوصاله ولكن «قد يدخل الإجهاض دائرة الضرورة، وذلك إذا كان إجراؤه أمراً لازماً لاستبقاء حياة الأم، وعندئذٍ لا تقوم المسؤولية الجنائية على من قام به، وذلك استناداً إلى عذر شرعب أساسه رعاية مصلحة أولى بالرعاية، وهي مصلحة الأم فى الحياة، تطبيقاً للقاعدة الشرعية التي تفضي بارتكاب أخف الضررين لدفع أشدهما، ولكن لا بد من توافر شروط الضرورة، وهي توافر حالة الخطر المحدق بالأم، وتيقن اندفاع الخطر عنها بالإجهاض، والقول بتوافر هذه الشروط أمر راجع إلى المختصين بتقدير الحالة».

وقد نصت قوانين الجرائم والعقوبات فى البلدان العربية على الأخذ بشهادة الأطباء المختصين الذين يبتون فى تقييم حالات الإجهاض الضروري للحفاظ على حياة الأم، إذ نصت المادة «89» من قانون العقوبات الأردنى والمادة «240» من قانون العقوبات اليمنى منه على أن لا عقوبة إذا قرر طبيب مختص أن خطراً جسيماً يحدق بحياة الحامل و صحتها، وأن الإجهاض هو الفعل المناسب لدرء ذلك الخطر، كما اشترطت تلك القوانين إضافة لشهادة الأطباء رضاء الحامل وممثليها الشرعيين.

ولا يجوز بداهة للمرأة التى حملت سفاحاً أن تحتج بحالة الضرورة لإجهاض نفسها، لأن حالة الضرورة تستدعى عدة شروط لقيامها، منها ألا تكون الحامل قد تسببت قصداً بالخطر المحدق، أما وأنها قد جاءت بفعل يقْبُح فى القالة، ويُكره فى الذّكْر، ويُشنأُ فى السّماع، فأنه يجب عليها قانوناً أن تتعرض للخطر، بل نجد أن القانون لا يأخذ بحالة الضرورة حتى ولو كان الحمل ثمرة اغتصاب، لأن القانون يشترط قيام تناسب بين الفعل والخطر، ولا تناسب مطلقاً بين حقها فى الشرف والاعتبار الذى تريد أن تحميه وتصونه بالإجهاض، وحق الجنين فى الحياة، وخلاصة القول فى هذه المسألة، «أن ليس كل خطر يتهدد الحامل يبيح جرم الإجهاض، وإنما لا بد من التمييز بين خطر مصدره سلوك إرادى مشروع كالزواج مثلاً، وخطر مصدره سلوك إرادى غير مشروع كالزنا مثلاً، فالأول لا الثانى هو الذى يصلح أساساً لقيام حالة الضرورة وتبعاً إباحة الإجهاض».

صحيفة الإنتباهة
ع.ش

[/JUSTIFY]
Exit mobile version