المعارضة السودانية تضع شروطاً للدخول في أي حوار مع الحكومة بينها حرية العمل السياسي وتكوين حكومة انتقالية، ولكن الحكومة لم تستجب لتبلغ الأزمة مداها بعد مرور 58 عاماً على الاستقلال.. (الجريدة) حملت كل هذه الاستفهامات حول الراهن السياسي وألقت بها على منضدة رئيس هيئة قوى الإجماع الوطني فاروق أبو عيسى فإلى مضابط الحوار:
المعارضة مخترقة ومحاضرة منشورة على صفحات الصحف؟ – بالسوداني كدا (نحنا ما عندنا شي ندسوا أجدنتا واضحة وهدفنا معروف)، والطريقة التي نعمل بها كمعارضة علنية وليست سرية ومعظم خطواتنا واجتماعاتنا مرصودة عدا وسائل العمل، ولذلك يمكن لأي جهة أن تنسج من خيالها معلومات مبنية على تحركاتنا الواضحة والمعلومة لدى الجميع ولكن هل تمتلك تفاصيل ما يدور داخل أروقتنا؟ وما نشر تقارير مفبركة بنيت على وقائع ظاهرية.. اجتماعات المعارضة مكانها معلوم وساعة انعقادها معروفة، وحضورها كذلك أما يورد على لسان القيادي فلان أو مندوب الحزب علان غير صحيح في مجمله هذا من جانب، ومن جانب آخر ما دام الحكومة ترى أن المعارضة ضعيفة فلماذا تهتم باجتماعاتها بهذه الطريقة وتفرد صفحات في الصحف لنشر معلومات غير صحيحة عنها، وما دام أن المعارضة ضعيفة فلماذا يتم توقيف أكثر من 26 قيادياً معارضاً بالخرطوم ليلة الإعلان عن قرار زيادة المحروقات، ولماذا حرص وزير المالية السابق الطواف على كل القوى السياسية لإطلاعها على القرارات الاقتصادية قبل إعلانها، وحتى الآن ما زالت هنالك قيادات من المعارضة رهن الاعتقال ولم يتم إطلاق سراحهم مثل المهندس محمد فاروق.. كل هذه المؤشرات تؤكد أن المعارضة تعمل بجد لاقتلاع النظام ومن قبل سخروا من خطة المائة يوم وها هي طريقتهم في التعامل مع الاحتجاجات تكشف مدى هلعهم وخوفهم من زوال حكمهم.*هذا إقرار ضمني بأن هنالك اختراقات في أوساطكم ؟ – منذ استيلائها على السلطة حاولت الإنقاذ اختراق القوى السياسية وتقسيمها في محاولة لإضعافها وظلت على هذا الحال، والآن تستخدم أحدث الوسائل للحصول على المعلومات بواسطة زراعة أجهزة تقنية أو التنصت على الهواتف، وقد كشف حزب المؤتمر الشعبي عن وجود أجهزة تنصت في داره زرعت بإحكام، ومهمة الأجهزة الأمنية ينبغي أن توجه لحماية الحكومة والمعارضة معاً فكلهم مواطنون ولكن ما يحدث عندنا العكس عموماً (ما عندنا شي داسنو.. وما مترددين في موقفنا).
* راهنتم على انتخابات المحامين وها هي قد أثبتت ضعفكم وفشلكم؟ كثير منا كانوا يعلمون جيداً أن المؤتمر الوطني لن يترك لنا منفذاً للفوز بالنقابة ومع ذلك رأى تحالف المحامين الديمقراطين بأنه لابد من خوض المعركة بالرغم من التحديات والتجاوزات المكشوفة (يا خي ديل ضربوهم بالسيخ، وفي رمضان، ووين في الدار) وعندما دشنوا حملتهم لخوض الانتخابات رتبوا لعقد ندوة بدار الاتحاد فصدوهم، هذا بالإضافة للتجاوزات في السجل والبطاقات ومع ذلك فإن تحالف المحامين الديمقراطيين نجح في توحيد كل المحامين تحت لوائه وبذلك نشّط جبهة مهمة ستلعب دوراً مهماً في الدفاع عن الحريات ومعركة التغيير القادم.
ما دام الأمر كذلك لماذا أعلنتم مقاطعة الانتخابات قبل وقت مبكر من قيامها؟
أي حديث عن الانتخابات في ظل حكومة المؤتمر الوطني حرث في البحر ومضيعة للوقت والجهد.. الانتخابات في ظل حكم الوطني وبقانونه ومفوضيته ومحكمته وقمعه لحرية التعبير مرفوضة من جميع القوى السياسية، ومن ناحية أخرى كيف تقام الانتخابات في بلد ترزح تحت وطأة الحروب أكثر من 50% من مساحة البلاد متأثرة بالحرب فمن هم الذين يصوتون في هذه الانتخابات، أما مفوضية الانتخابات فهي تدين بالولاء للحزب الحاكم والكل رأى كيف كانت التجاوزات تسير على أربعة أقدام في الانتخابات السابقة والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين.*تتحدث عن أن حرية التعبير مفقودة وها أنت في حوار معنا وسينشر؟ طبعاً هذا ليس كافياً ونحن محرومون عن إقامة الندوات في الميادين العامة وحتى الندوات التي تقام بدور الأحزاب تتعرض لمضايقات خصوصاً إذا كانت حاشدة، أما التلفزيون فما زال يتعامل معنا بهذه الطريقة الطريفة وهي (أننا عندما كنا نواباً بموجب اتفاق القاهرة عن التجمع الوطني الديمقراطي عندما نعترض على قانون أو مسألة بالمجلس نسجل اعتراضنا واقفين والتلفزيون درج على تصويرنا من دون حديث صامتون بُكماء) وهذه هي حرية التعبير.
*المؤتمر الوطني جدّد مطالبته لكم في وضع الدستور القادم للبلاد لماذا ترفضون وبإمكانكم الإصلاح عبره ؟
لن نشارك في الدستور في ظل الأوضاع الحالية وموقفنا الرافض للمشاركة في الدستور القادم واضح ونحن رجال سياسية وقانون ووطنيون لا يعلموننا كيف نضع دستوراً.. دعوة المؤتمر الوطني مرفوضة شكلاً وموضوعاً. فالمنهج القديم لوضع الدستور به خلل كبير وأخطاء خلقت مركزاً قوياً ومتسلطاً وأطرافاً مهمشة وضعيفة والمنهج الحالي للمؤتمر الوطني والخاص بوضع دستور للبلاد يمضي في ذات النهج القديم وهو أحد الأمراض المزمنة في الحياة السياسية السودانية، نحن في المعارضة قررنا اللجوء لأسلوب آخر يحقق العدالة والمساواة لكافة أهل السودان عبر مشاركة ممثلين لجميع أطياف المجتمع (أحزاب نقابات النساء الشباب -المهنيين وغيرهم) من خلال خريطة تشمل كليات لهذه المجموعات على أن تأتي كل كلية بمناديبها، كيف نتحدث عن الدستور وبلادنا تشهد حروباً من دارفور الى النيل الأزرق وإعلان حالة الطوارئ في عدد من الولايات بجانب غياب الحريات العامة والأحزاب ممنوعة من إقامة الليالي السياسية والصحف مراقبة ومكبلة والحريات غائبة. موقفنا واضح في الدستور ولن نشارك المؤتمر الوطني يريد دستوراً على شاكلة دستور يا أسيادي.*التشكيل الوزاري الأخير أخرج الكبار من دائرة القرار وبدا الحزب الحاكم بعده أكثر مرونة لماذا لا تستفيدون من ذلك؟ التعديل الوزاري الأخير يؤكد إفلاس الحركة الإسلامية وحزبها المؤتمر الوطني وليس جديداً في الأمر، هذا تغيير أحمد بحاج أحمد، كما يقول أهلنا، وأرى أن هؤلاء القوم ينطلقون من مفاهيم واحدة وقناعات غير سليمة ولا يملكون أي خيال سياسي يمكنهم من الخروج من أزمتهم ومهما فعلوا من تغيير وتبديل فإنهم لا يملكون حلاً لمشكلات البلاد وتجربتهم أثبتت فشلها على كل الأصعدة، هذه تجربة فاشلة من الأساس، ولابد لهذه التجربة من أن تنتهي هذه النهاية المأساوية، هؤلاء أغرقوا البلاد في الفساد والأزمات المتلاحقة ولن ينصلح الحال إلا بذهابهم.
*ولكن الدكتور غندور مساعد رئيس الجمهورية ونائب رئيس الحزب الحاكم أشار إلى أنكم لا تعملون بتنسيق وانسجام وأنكم قوى مؤثرة؟ نحن لا نقبل بأي تصنيف للتحالف أو تقييم للأحزاب المنضوية تحت لوائه، والتحالف كله يعمل بانسجام وتناغم من أجل هدف واحد هو إسقاط نظام المؤتمر الوطني، والجميع ملتزمون ببرنامج واحد وواضح، وحديث طيبب الأسنان إبراهيم غندور حول الأحزاب الكبيرة في المعارضة وتكوين لجان من أجل الحوار معها، نقول لغندور أنت دكتور أسنان ولكنك قد لا تفقه كثيراً في فروع الطب الأخرى وحلم (الجيعان عيش)، ولغتك نفس لغة سلفك وهذا يدل على أنكم راضعين من ثدي واحد، وهذه اللغة لن تنقل الناس إلى الأمام، فالتصنيف يتم فقط داخل التحالف بحجم الموقف وصلابته لأي حزب من الخط الواحد لقوى الإجماع وهو إسقاط نظام المؤتمر الوطني، وهو الخط المتفق عليه من جميع أحزاب التحالف، ويمكن لحزب أن يكون حجمه مثل المحيط، ولكن ليس له عطاء من أجل الشعب ومن أجل الديمقراطية والحرية، وحزب صغير لكنه يعطي، ولا مجال للمقارنة بين الاثنين، وعلى قادة المؤتمر الوطني النظر بعين فاحصة للواقع السوداني الذي تأزم بسببهم وبسبب تصريحاتهم (الهوجاء)، نطالبهم بأن يفهموا الاصطفاف الإيجابي الذي يحدث الآن داخل المجتمع السوداني والذي ظهر في انتفاضة سبتمبر أكتوبر والذي سيظهر بصورة أعمق تقتلع المؤتمر الوطني من جذوره قريباً.
*هل يعني ذلك هنالك قوى من التحالف دخلت في حوار مع المؤتمر الوطني؟ موقف التحالف موحد ورافض لأي حوار مع المؤتمر الوطني ما لم يفضِ لتسليم البلاد لوضع انتقالي كامل، وفي حال رفض المؤتمر الوطني ذلك فبيننا الشارع.
* هل تحققون أهدافكم وأنتم غارقون في الخلافات الضيقة ؟
– نحن نعمل من أجل أن يتوحد السودان كله ونرى أن الوسيلة الأنسب والأوفق لذلك هي الحل السياسي الشامل، وبالتالي نحن حريصون كل الحرص على وحدة صفنا الداخلي لأن دونها لن تتحقق أهدافنا ومع ذلك نعلم تماماً أننا قوى مختلفة المشارب والأفكار ومن الصعب أن نجمع على قلب رجل واحد والاتفاقات الموقعة بيننا هي اتفاقات حد أدنى، بيد أننا جميعاً متفقون على هدف واحد هو إعادة الديمقراطية والسلام والوحدة ومتفقون على أن ذلك الأمر لا يتأتى إلا بإزاحة النظام ومن هذا المنطلق سنعمل على تذليل الخلافات وتقريب وجهات النظر بين كل مكونات التحالف حتى نتمكن من تحقيق الهدف المنشود.*بالرغم من أن كثير من الحركات الشبابية أعلنت مواقف متحفظة وأحياناً معادية من الأحزاب وتحالفاتها إلا أن لكم مواقف مغايرة وداعمة للشباب؟ لقد انتبهنا لموضوع الشباب منذ أعوام وشرعنا في تكوين جسم جنيني لشباب التحالف وقد ساعدنا في ذلك أن شباب بعض أحزابنا تحركوا قبلنا وتجمعوا مع آخرين فأخذناهم بالأحضان وصاروا يحضرون اجتماعات الهيئة العامة، وكبر هذا الجسم. في هذا الأثناء جاءت تجربة ودور الشباب المستفيد من التكنولوجيا والمتناغم مع التحركات الشبابية في تونس ومصر فتكونت مجموعات جزء منها من تنظيمنا وجزء من خارجه، وقد دعمنا الكل ولم نميز بينهم، دعمناهم في المحاكم والاعتصامات الاحتجاجية حينما تعرضوا لملاحقات وتوقيف، وأصررنا على عمل علاقة مع هذه الأجسام. في التشكيل الجديد بعد الهيكلة لدينا لجنة لقطاع الشباب وأخرى للطلاب وأخرى للنساء، ولا ننسى أن المرأة شكلت جزءاً من الحراك الأخير فكان دورها كبيراً على يدي نساء شابات وناشطات. صحيح نحن لا نزمع أن نحتوي تلك التنظيمات فاستقلالها يساعدها ولا نريد حبسها في إطار حزبي، ولكن نريد أن يكون عملنا مشتركاً وداعماً لهذه التنظيمات ويكون هناك تنسيق بشكل أو آخر. فهم سيكونون حقيقة قواتنا الأساسي. خاصة أن النقابات كانت آلياتنا في الماضي وقد افتقدناها الآن.
*انتهت المائة يوم ولم تسقطوا النظام؟ لقد قلنا مراراً أن خطة المائة يوم ترمي إلى “إعادة البناء التنظيمي لتحالف قوى الإجماع الوطني وقيادة التعبئة الجماهيرية ولكنها لم تحدد زمناً قاطعاً لإسقاط النظام، ونحن لسنا سذجاً وندرك أن معركتنا من أجل استرداد الديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان قد تطول في ظل نظام يمتلك أدوات القمع ولكن نضالتنا المتواصلة تشير إلى أننا نسير في الاتجاه الصحيح وسنحقق هدفنا المنشود وها هو النظام طرح النقابة والوفاقية في انتخابات المحامين وهذا دليل ضعفه وترنحه والذي يتضح أيضاً في دعواته للمشاركة في الدستور والانتخابات لنا ليس حباً فينا وإنما إيجاد منفذ لضمان شرعية جديدة.. ولكن هيهات.
صحيفة الجريدة
أشرف عبدالعزيز