“بانتيو”.. مدينة أشباح هجرها أهلها ويسكنها جنود حكومة “جوبا”

رغم إعادة قوات حكومة “جوبا” سيطرتها على مدينة “بانتيو” عاصمة ولاية الوحدة الغنية بالنفط، والواقعة في التخوم الشمالية الغربية لدولة جنوب السودان، ظهيرة العاشر من يناير/ كانون الثاني الجاري، إلا أن الحياة لم تعد بعد إلى المدينة، التى تحوّلت إلى ما يشبه الأماكن التي يسكنها الأشباح، بحسب مراسل وكالة الأناضول.

فبعد المعارك التي شهدتها المدينة بين الجيش الحكومي وقوات المتمردين طيلة الأيام الماضية، هرب معظم سكان المدينة، والتجار الأجانب إلى معسكر بعثة الأمم المتحدة بمقاطعة ربكونا شمالي ولاية الوحدة، خوفا على حياتهم، بينما فر البعض الآخر إلى القرى المجاورة، بحسب ما رصدته وكالة الأناضول في جولتها داخل المدينة المهجورة.

كما أصبحت المدينة أشبه بالثكنة العسكرية، لا شئ يراه الزائر سوى السواد الذي اتشحت به معظم الأسواق، والمحال التجارية التي تم نهبها وحرقها بالكامل.

ولا تزال الجثث منتشرة في طرقات بانتيو الرئيسية، إلى جانب بعض المقتنيات، التي تركها أصحابها كأجهزة التلفاز، والأسرة، والسيارات المحطمة والمحروقة، أثناء محاولة خروجهم من المدينة تحت دوي الأسلحة.

جنود حكومة جوبا (عاصمة دولة جنوب السودان الجديدة التى تأسست عقب استقلالها عن السودان، في استفتاء شعبي، في فبراير/شباط2011، وتم الإعلان عن استقلال كامل للدولة في 9 يوليو/تموز 2011)، وحدهم، يسكنون المدينة، إلى جانب عدد قليل من المسؤولين الحكوميين، فالحاكم الذي عينته الحكومة لم يعد حتى الآن من العاصمة جوبا التي قصدها بمعية بعض وزراء حكومته، وحتى مكاتب الدولة، والوزارات، لم تسلم من عمليات التخريب التي طالت أجزاء واسعة من المدينة.

كانت قوات سلفاكير ميارديت رئيس دولة جنوب السودان قد نجحت يوم الجمعة 10 يناير/كانون الثاني الجاري، في استعادة “بانتيو”، بعد فرار قوات ريك مشار الذي يقود الحرب ضد سلفاكير، واستسلام البعض الآخر، واتهمت مجموعة مشار حركة “العدل والمساواة” السودانية، بالمشاركة مع قوات سلفاكير في استعادة “بانتيو”.

غير أن المتحدث باسم العدل والمساواة، جبريل آدم بلال، قال، في تصريحات صحفية، في وقت سابق، إن “حركة العدل والمساواة، مازالت تقف على الحياد من الصراع في دولة جنوب السودان”، مؤكدا عدم وجود قوات لحركته في “بانتيو” ولا في جنوب السودان.

ودعا بلال إلى معالجة الأزمة عبر الوسائل السلمية، مشيرًا إلى استعدادهم للوساطة بين الفرقاء.

فيما برر “بيتر ريك جيو” المتحدث باسم ريك مشار، في تصريحات صحفية في وقت سابق انسحاب قواته من بانتيو بقوله “لقد انسحبنا من بانتيو، لكننا قمنا بهذه الخطوة لتفادي حرب شوارع ووقوع ضحايا”.

من جانبه، قال مندانق منيل، مستشار حكومة ولاية الوحدة لشؤون الشباب: “نقول لمواطنينا عودوا إلى المدينة، فالأوضاع باتت هادئة، والمدينة أصبحت مؤمنة بالكامل، أقول للتجار عودوا لمباشرة أعمالكم، فالحكومة ستصدر قرارًا بإعفاء التجار من الضرائب لمدة ثلاثة أشهر”.

وفي تصريحات لوكالة الأناضول عبر الهاتف، أضاف محافظ مقاطعة ربكونا استيفن سلام معليش: “مواطنونا سيعودون قريبا، نحن هنا جاهزين لاستقبالهم”.

لكن رغم تلك المناشدات الحكومية للمواطنين بالعودة فإنهم بلا شك سيواجهون عدة مشاكل حسب جولة مراسل الأناضول في المدينة التي تعاني نقصا حادا في المواد الغذائية، وبقية الاحتياجات الضرورية للحياة، بسبب نسبة الدمار التي لحقت بالمحال التجارية.

ومنذ منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي، تدور في جنوب السودان مواجهات بين القوات الحكومية ومسلحين مناوئين لها تابعين لمشار، وذلك على خلفية اندلاع قتال بين وحدات مختلفة من الحرس الرئاسي في العاصمة جوبا، امتد لاحقا إلى أنحاء أخرى في البلاد، بعدما اتهم رئيس جنوب السودان لنائبه المقال ريك مشار بالتخطيط لانقلاب عسكري لإسقاطه، وأعقب ذلك قيام الحكومة باعتقال عدد من الشخصيات التي قالت إنها “متورطة في عملية الانقلاب”.

ولم تتمكن مفاوضات السلام الجارية في أديس أبابا منذ الأسبوع الماضي، بمشاركة طرفي النزاع، من التوصل إلى اتفاق سلام في الدولة التي انفصلت عن السودان عام 2011.
جوبا/ أتيم سايمون/الأناضول

Exit mobile version