استيلا قايتانو: اننا نحس باليتم ، بعد ان جعلتم من جنوب السودان سرداق عزاء كبير

لقد كتب الزميل والصديق انطوني جوزيف مقالاً مؤلما في عموده ( في الواقع ) يتحدث فيه عن الفشل والشماتة والندم على قرار الانفصال الى سائر الاحاسيس الدامية ، وقد استشعرت ذاك الالم ، الشعور بالخزلان والعار وجلد الذات بصورة عواقبها قد تكون وخيبة كعواقب الحرب ذاتها ، لان اذا كان امثال انطوني وكل الشباب اصيبوا بهذا الكم الهائل من الاحباط ماذا سيفعل عامة الناس ؟ ومن سيبث الروح في دولتنا التي دخلت غرفة الانعاش قد تكون او لا تكون ؟
. اريد ان اقول لاخي انطوني وكل شباب جنوب السودان كفى احباط وكفى جلد الذات ، لاننا نستحق افضل من هذا كجيل ذاق مرارت كثيرة وعندما انتصرت ارادة شعب جنوب السودان نحو الحرية والاستقلال كان بمثابة الانتصار الاكبر ويجب الا نندم على ذلك ويجب ان ندافع عن خياراتنا مهما كلفنا الامر وهو خيار وطني في المقام الاول ، يجب الا نعض اصابع الندم على ذلك ، ثم الى متى يخطئ الاخرون ويستمرون في حياتهم العادية ثم يتحمل الاخرون الاوزار والعقوبات والنتائج المهلكة ؟ لا تدعهم يفعلون بك ذلك !. ثم من هم الشامتون ؟ الجنوبين الوحدويين ؟ ام السودانيين ؟ بالطبع هذه شماتة غير موضوعية ، لان اذا رأى اي سوداني (شمالا وجنوباً ) لن يفوت عليه اشتعال الحروب وتشريد المواطنيين وعدم توفر الخدمات وسؤ ادارة الحكم والفساد وانتشار النعرات القبلية وتهجير العقول الى اخر تلك الاشياء التي تحدثنا فيها كثيراً وليس في السودان فقط وانما في الاقليم كله وهي ازمة دول العالم الثالث وغياب الحكم الرشيد ، لذا من يشمت اشبه بمسألة اب سن الذي يضحك في اب سنين اما بمسالة الجنوبيين الوحدويين ، لقد كتبت مقالاً قبل الانفصال بعنوان ( كبسنة الاحلام وحلمنة الكوابيس ) يمكن ان تجدوه في المواقع الاسفيرية ، جوهر ذاك المقال هو اننا كجنوبيين وحدويين او انفصاليين فان ارض الجنوب وناسه يهمنا ، ويجب الا يترك سير الامر لجهة واحدة حسب نتيجة الاستفتاء ، ولكن يجب ان ننخرط معاً لبناء الوطن والامة اذ يجب ان نلتف حول الوطن مهما اختلفت توجهاتنا واراءنا لانها في الاخر تصب بحسن نية في المصلحة العليا للبلاد والعباد ، وفي تلك الايام انتشرت قصص مخيفة عن الجنوب وناس الجنوب ، وانتشرت التحليلات عن اندلاع الحروب الاهلية ،، فاستشعرت بان هناك حرب باردة بين الخيارين ، الانفصال حلم يراود الكثيرين ولكن هناك كثيرين ايضاً يحاولون تصويره ككابوس ، هناك كوابيس يحاول البعض تحويره الى احلام . نحن الان في واقع جديد حققنا الحلم ولكن يجب ان نواجه الكابوس ، ولن نستطيع مواجهة هذا الكابوس ونحن محبطين ومكتئبين ونلوم انفسنا على ذنب لم نغترفه ! اذ ما فائدتنا لوطننا اذا كنا بائسين ؟؟ اعلم صديقي بان هذه الاجواء تدعو الى الاكتئاب والرغبة في البكاء والعويل ، ولكن بدل لعن الظلام دعونا نوقد شمعة ، ونحرج قادتنا والذين هم ابطالنا من قبل ونقول لهم باننا نحس باليتم ، بعد ان جعلتم من جنوب السودان سرداق عزاء كبير ، ولكن بعد كل هذا اطلب منك صديقي ان ترفع رأسك وافتخر بانك تنتمي تماما لخيارك ولوطنك وناسك دون استعلاء اواقصاء او ندم ، ونستطيع ان نحول كل هذا الالم الى امل ، اذ يجب ان نعمل كثيراً من اجل مستقبلنا ومستقبل ابناءنا ، فهذه ايامهم ولكن الغد لنا ، فلن نستطيع ان تعمل وهذه الاحاسيس السالبة تشتعل في دواخلنا ، كما دافعت من قبل عن حقنا في الحرية يجب ان تتحضر لمعارك اكثر شراسة ودموية وهو الدفاع عن المستقبل ، فالاوطان لا تعطى جاهزة بالطبع هناك الكثير من الخيبات والهزائم والدماء واخيراً الالم هو ثمن طبيعي للعدل فاصمدوا اخوتي يوم بكرة جميل .
جوبا:صحيفة المصير: استيلا قايتانو
Exit mobile version