يل في ادبيات الحكي عن الكوارث، فعندما تحكي احداهن – مثلا – عن ملابسات مؤسفة حدثت لاحداهن أثناء الوضوع فأدت لوفاتها أو فقدانها للجنين، تقول المتحدثة:
(أضان الحامل طرشة يا يمة فلانة حصل ليها كيت وكيت)!!
أما اذا كانت احدى الحوامل من حضور المجلس، فيطلب منها أولا قبل الشروع في الحكي (طقي كراعك يا فلانة) فتقوم بضرب فخذها عدة ضربات خفيفة بظاهر كفها درءا للشر، ولا تبدأ المتحدثة في الحكي قبل اطمئنانها على اكتمال الاجراء .. الغريبة ان هذه (الطقوس) تمارس في مجالس النساء مهما تعالى بهن التعليم أو الفهم .. اعتقد أن المستنيرات (بطقن) تحسّبا وليس عن قناعة !
أما ان كان الحديث عن شابة فعلت احد الافعال الجالبة للعار، فتقول المتحدثة (أضان الفتوات في طرش) وان كان في المجلس شابات، فيطلب منهن أيضا (طق) ارجلهن و(قولوا قبلا وقبالا يا بنات)، وان كانت النساء – عموما – لا يحبذن الحديث عن نكبات وتفلتات الفتيات أمام بناتهن خوفا من أن تتفتح اعينهن على هذا الحال المايل .. من الطريف ان طفلة صغيرة لم تتعد الثالثة كانت تجلس في احضان أمها في مجلس أنس، وعندما سمعت أمر (الطق) قامت بضرب ساقها مثل الاخريات دون أن تفهم (الحاصل) فضج المكان بالضحك وناكفتها احدى النساوين بالقول:
انتي مع شنو يا قنحة ؟!
(تفاءلوا خيرا تجدوه) حديث منسوب للنبي صلى الله عليه وسلم ورد في الصحيحين، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل الحسن ويكره الطيرة. وفي رواية : يحب الفأل الحسن.
ومن الفأل الحسن ما كان صلى الله عليه وسلم يفعله في حياته كلها، فكان صلى الله عليه وسلم يحب الأسماء الحسنة، ويعجبه التيمن في شأنه كله؛ لأن أصحاب اليمين أهل الجنة.
أما في عاميتنا فنقول عندما ندعو لاحدهم بالخير (فلان ان شاء الله الناس تشيل فالو وتتمنى حالو)، كما ورد في اغنية الحقيبة (الفي دلالو وما اعظم جلالو استحل هلاكي ولي حرم حلالو) حيث يصف الشاعر محبوبه بأنه:
شالو فالو الناس يتمنو حالو .. مثال الباسم وحنّ الغيم سحّالو
عندما كنّا في سنوات طفولتنا الأولى أذكر بأن والدي كان يقوم بتسمية الشتول باسمائنا قبل ان يقوم بزراعتها في الحوش، فكنا نتناكف بـ (شجرتي وشجرتك) ونسمع بأن فلاناً فالو حلو في الزراعة لأن النبتة المشتولة على اسمه تنمو وتزدهر أفضل من الأخريات .. فهناك من يتفاءل بأحد ابنائه لان مولده ارتبط بقدوم الخير الكثير سواء كان باتساع الرزق أو براحة البال وزوال المنقصات، ولذلك يضمر في نفسه اسم ذلك الابن عندما يبدأ في تنفيذ مشاريعه المعاشية، وهناك من يسمي ابقار اللبن باسماء يتفاءل بها مثل (بخيتة) و(المبروكة)، وهناك من يسمي مشاريعه وعروض تجارته ايضا باسم زوجته ان تفاءل خيرا بـ (كراعا السخية) ..
تصنّف النسوان الى نوعين (ذوات الكرعين الناشفة)، و(ذوات الكرعين الخضره) وما أن يتزوج أحدهم بواحدة من الفصيلة الاولى ويدخل بها، حتى يدخل عليه الساحق والماحق والبلا المتلاحق من كل حدب وصوب، أما الـ (أمو راضيه عليهو) والذي يحظى بذات اليسر والبركة و(الكراع الخضره)، فتتفتح أمامه أبواب الرزق من حيث يدري ولا يدري وتعلو نجوم سعده فوق للثريا.
الغريبة، بالمقابل يسري نفس التصنيف على الرجال من جهة فألهم على زوجاتهم، فهناك من تحظى بالولادة والزيادة وتزورها الايام الطيبة مع اقدام زوجها، وهناك الـ (بنشف ريقا وينعوج طريقا) بمجرد اقدامها على الزواج، فيشفق عليها الاهل والاحباب ويقال عن (كراع) بعلها تحت تحت :
فلان كراعو كراع اليابا سيدي علي .. من دخل علي البنية شال نورا وخلا قنبورا !!
منى سلمان
[email]munasalman2@yahoo.com[/email]